لعلك لاحظت اللامبالاة التى يتعامل بها المصريون مع حكاية التغيير الوزارى الذى أعلن عنه (الرئيس) مرسى، ذلك أننا أدركنا منذ زمن أن كلام الرئيس أصبح لا يسمن ولا يغنى من جوع، وأن قراراته لم تحقق لنا نحن المصريين أية خطوة للأمام، وبالتالى لم يجد الناس فى مسألة التعديل الوزارى المرتقب أية فرصة لإحياء الأمل المقتول بعد أن تم اختطاف الثورة!
عشرة أشهر كاملة قضاها (الرئيس) مرسى فى عرين الرئاسة، وهو زمن طويل، لكنه لم يستطع أن يحقق طموحات الملايين فى بناء مجتمع العدل والحرية والجمال، والدلائل على إخفاق الرئيس كثيرة ومتعددة، من أهمها:
•الانقسام الذى شطر المصريين بسبب قرارات الرئيس وجماعته، فلم يحدث أن وصلت الحال بنا إلى هذا المستوى المؤسف من الانقسام!
•الإخفاق التام فى إجراء مصالحة وطنية بين الشعب وقواه الوطنية والمدنية من ناحية وبين تيارات التأسلم السياسى بتنويعاتها المختلفة من ناحية أخرى.
•العداء الغبى للسلطة القضائية والدخول فى معارك مشبوهة مع رجال القضاء بغية إقصاء من يخالف جماعة الإخوان المسلمين ومن لف لفهم.
•انفضاض العديد من المستشارين من حول الرئيس، وبعضهم ينتمى إلى جماعات وتيارات إسلامية محسوبة على النظام.
•استهداف وسائل الإعلام والصحفيين والتضييق عليهم وجرجرتهم إلى المحاكم بهدف قطع ألسنتهم.
•التغاضى عن السلوك المشبوه لجماعات تفرض ميليشياتها على مؤسسات الدولة (حصار المحكمة الدستورية/ حصار مدينة الإنتاج الإعلامى).
•الفشل الذريع فى تحقيق الأمن على الرغم من أن الشرطة لا تتوانى عن إطلاق النار على المتظاهرين السلميين، فتقتل وتعتقل وتعذب.
•كل هذا كوم واستشراء الفقر كوم آخر، فالرئيس مرسى وجماعته أخفقوا تمامًا فى محاربة الفقر، وانحازوا بسياساتهم إلى الأثرياء ضد الفقراء مثلما كان يفعل مبارك وعصابته بالتمام والكمال. انظر حولك، وتأمل غلاء الأسعار المتفاقم والذى يهد حيل أكثر من خمسين مليونا من شعبنا الطيب والمكافح، وأمس قتل مواطن مصرى فى معركة حول أنبوبة البوتاجاز!
لكل هذا أزعم أن التعديل الوزارى المرتقب لن يحل المشكلة، ولن ينقذ مصر من الفوضى والفقر والاحتقان، وتذكر من فضلك أنه مرّ على مقعد رئيس الوزراء خمسة أشخاص منذ اندلاع الثورة وهم (أحمد شفيق رجل مبارك والمجلس العسكرى والذى يفخر بأن مبارك مثله الأعلى!/ عصام شرف/ كمال الجنزورى رجل النظام القديم/ هشام قنديل اختيار مرسى حين صار رئيسًا/ ثم هشام قنديل مرة أخرى)، كل هؤلاء أخفقوا فى تحسين أوضاع الناس لأنهم ينفذون السياسات البائسة نفسها التى نفذها مبارك وعصابته، تلك السياسات التى أهدرت كرامة المصريين وجعلتنا نغرق فى وحل الفقر والمرض والجهل!
لا تقل لى من فضلك أننا جميعًا مسئولون عما يحدث، ذلك أن من يملك السلطة هو المسئول الأول، فلا أنا ولا أنت فى يدنا سلطة إصدار القرار، وإذا كان الشعب قد ثار ضد مبارك بصفته الرئيس الذى ظلم وأفسد ونهب، فإن الشعب سيثور حتمًا ضد مرسى لأنه لم يحاول أن يحقق أحلام الناس وآمالهم فى حياة أقل تعاسة وأكثر إنصافاً، وما التغيير الوزارى الوشيك إلا محاولة لامتصاص الغضب المتنامى ضده وضد جماعته، وهى محاولة فاشلة لا ريب!