يعرف المشتغلون بالقانون والأمن الطريقة التقليدية التى يتبعها ضباط المباحث مع «المسجلين خطر» والتى اصطلح على تسميتها «الكعب الداير» وهى ببساطة تعنى أن يرسل الضابط المتهم لعدة جهات أمنية للتأكد مما إذا كان مطلوبًا لها، بدءًا بأسوان وصولا لسيناء، ويبدو أن نظام الإخوان استلهم هذه الطريقة ليطبقها على معارضيه خاصة من الصحفيين والإعلاميين، ستخوض مناقشة تتدحرج للمهاترات مع أنصار النظام من أصغر صبى جندته الجماعة حديثًا، وصولا للمرشد العام، لأنهم جميعا لا يتفهمون فكرة «الرئيس المواطن»، بل يرونه أبًا تنبغى طاعته والحديث معه أو عنه بقواعد السمع والطاعة، وتقبيل الأيادى، وعدم المناقشة لأن الكبار يعرفون أكثر، وعلى الجميع الامتثال، وإلا اعتبروا «عُصاةً» و«غير مؤدبين»، وهذه هى رؤية الإخوان لغالبية الصحفيين.
ويتوقع كثيرون خلال المرحلة المقبلة أن تقنن الجماعة، ومن قفزوا فى سفينتها من الانتهازيين، هذا الأسلوب مع الإعلام، لتصبح أدنى إشارة للرئيس بكلمة نقد «جريمة»، وسيتطوع مجهولون لرفع قضايا ضد كل من تسول له نفسه نقد النظام لجرجرتهم فى شتى محاكم مصر، لهذا سألت نفسى وأنا أتابع محاكمة زملائى: لماذا لا نوفر مشقة إجراءات التقاضى ونذهب طائعين مختارين للسجون، فأمام القضاء مئات الآلاف من القضايا العالقة منذ سنوات، أجدر بجهد القضاة. لو كنت مكان باسم يوسف لتصرفت بطريقة مختلفة، فهناك حالة من الغموض تكتنف وضعية النائب العام، بعد حكم الاستئناف ببطلان قرار تعيينه، وبالتالى لابد من حسمها أولا، ولهذا يرى قانونيون كبار أنه يحق للمتهم طلب قاضٍ للتحقيق، لهذا كنت سأذهب للمحقق مرتديًا ملابس الحبس الاحتياطى البيضاء، وأحمل حقيبتى، ولا بأس بالسجن بضعة أيام أو شهور، فهذه ضريبة اتضح أن كل معارض يعلو صوته سيدفعها، فلماذا الخوف؟.
لكن ماذا لو مضى نظام الإخوان فى مخططه غير مكترث بأحد، فأغلق صحفًا وفضائيات ووضع حزمة من القيود على جميع وسائل الإعلام وحتى الإنترنت، ليصبح الأمر كما يفعل ملالى إيران حلفاؤهم الجدد؟ هل سيذعن الصحفيون والإعلاميون للأمر الواقع، أم سيلقى بهم خلف القضبان، أم سيفرون للخارج ليصبحوا بعيدًا عن سطوة هذه «الفاشية الإخوانية» التى كشّرت عن أنيابها، ومن الخارج سينتقدون بحرية، ويجرون اتصالات عبر الإنترنت والهواتف مع الساسة والنشطاء الذين اختاروا البقاء، ولو كلفهم ذلك ثمنًا فادحًا من أمنهم وحريتهم ولقمة عيشهم؟، أظن أن الأمور ربما تتجه نحو هجرة الإعلام المعارض للخارج، حيث لن يتمكن الإخوان من قمعهم، وحتى «نايل سات» لم يعد الخيار الوحيد، فهناك عدة أقمار يمكن البث عبرها بأسعار أرخص ودون أية قيود.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة