ثالوث الجهل والفشل والعجز هو الذى يحكم مصر الآن، ويمر بنا من مرحلة الدولة المرتبكة والتائهة إلى مرحلة الدولة الفاشلة الضائعة. وهذا الثالوث يقود بعناده واستكباره البلاد إلى الهاوية لأنه ببساطة لا يدرك أى وطن يحكمه وأى شعب يتحمل مسؤوليته، وثبت بالتجربة أنه لا يحمل أى مشروع فكرى أو اقتصادى أو سياسى وظل يمارس رذيلة الخداع طوال عقود ماضية ويوهم البشر بأنه صاحب تاريخ نضال عريض ولديه من الخبرات ما يؤهله للحكم وإدارة شؤون دولة بحجم مصر، كنا نظن كما يقول المثل الشعبى «تحت العمة شيخ» ثم ظهر بالتجربة أن تحت العمة شىء آخر لا داعى لذكره.
الوضع الخطير الذى تعيشه مصر الآن تحت قيادة هذا الثالوث لم تمر به من قبل حتى فى زمن الاحتلال والاستعمار، فمصر الضائعة الآن فاقدة للرؤية والهوية وتواجه مصيرا مجهولا وليست هى مصر التى يعرفها الناس فى مصر وباقى دول العالم حتى فى عصر مبارك نفسه..!
الأزمة الآن تجاوزت الصراع السياسى حول الديمقراطية والحرية وتحقيق مطالب الثورة ووصلت إلى حد وجود الوطن ذاته بحدوده التاريخية ووحدته الوطنية وتماسكه الاجتماعى وهويته الثقافية، ولم يعد يجدى الحوار مع ثالوث الفشل والعجز والجهل، ولم يعد أمامه سوى طريق الرحيل حاملاً معه أخطاءه وخطاياه بعد أن أغرق البلاد فى بحور من الأزمات والمشاكل والفتن وأشعل النار فى كل أنحاء الوطن، ومزق المصريين وقسمهم وأثار نعرات المذهبية والطائفية بينهم بجهل لم تشهده مصر إلا فى عصور الانحطاط والتردى.
الرحيل وحده هو من يحمى مصر وينقذها من الضياع والانهيار، ودولة الفشل ورئيسها لا تحكم كل المصريين، والقناعة تزيد يوما بعد يوم بأن الساكن فى قصر الاتحادية ليس رئيسا إلا لجماعته وأهله وعشيرته، ومأساة الهجوم والاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالأمس كشفت أنه رئيس يرعى فقط مصالح جماعته وينحاز اليها ويغضب لغضبها ويتحرك فقط عندما يحدث تظاهر عند مقرها العظيم وقصرها المنيف فى المقطم، يهاجم المصريين ويتهمهم بالتآمر ويبدى استعداده للتخلص من بعضهم من أجل إرضاء الجماعة.
أزمة الكنيسة بينت الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فالشعب فى جانب يدافع عن مؤسساته وعن هويته وعن وحدته والرئيس والجماعة فى جانب آخر انتظارا لساعة الرحيل.