أمس اعتقل أحمد دومة، واليوم اعتقل أحمد ماهر.. وغدًا سينضم إلى القائمة شباب جديد من الثوار، لأننا أمام نظام سياسى قمعى يفعل أى شىء من أجل الحفاظ على السلطة السياسية التى خطفها فى لحظة غفلة من الشعب!.
إن ما تفعله جماعة الإخوان وأشقاؤها من تيارات التأسلم السياسى ليس غريبًا فى تاريخ الثورات على مستوى العالم، فالثورة الإيرانية التى اندلعت ضد شاه إيران عام 1979 شارك فيها الشعب الإيرانى بكل قواه المدنية وتياراته السياسية، فلما نجحت الثورة وأطاحت بالشاه استولت التيارات الإسلامية (الملالى) على السلطة، ثم قاموا بتصفية شركائهم فى الثورة تدريجيًا، فاعتقل من اعتقل، وحوكم من حوكم، واغتيل من اغتيل، حتى صارت تفاحة السلطة لهم وحدهم يتلذذون بقضمها وازدرادها، بينما بقية الشعب الإيرانى ظل يكابد الفقر والتعصب وانسداد الأفق تحت حكم هؤلاء المشايخ!.
لا تنس من فضلك أن حركة 6 أبريل التى أسسها أحمد ماهر قد قامت بتأييد الدكتور محمد مرسى ضد الفريق أحمد شفيق، عندما أجبرتنا المقادير على الاختيار بين المر والأمر منه فى الانتخابات الرئاسية، أى أن جزءًا كبيرًا من شباب الثورة قد أعطوا أصواتهم للدكتور مرسى الذى وعد من ساندوه خيرًا آنذاك، وها هى النتيجة بعد أن استقر الأمر له ولجماعته، فقد أصبح لا يطيق صبرًا على أى انتقاد حتى لو جاء من الذين دعموه، وأعطيت إشارة البدء فى التنكيل بالثوار أولاً واعتقالهم، والبقية تأتى وبأسرع مما يتخيل أحد!.
أكثر من 600 شاب من الثوار فى سجون الرئيس مرسى الآن، هذا غير القضايا المرفوعة من قبل تيارات التأسلم السياسى ضد الإعلاميين والصحفيين الذين ينتقدون النظام وزبانيته، وللأسف فإن المستقبل القريب لا يبشر بانفراج إلا إذا تغيرت المعادلة، وتمكنت قوى الثورة المغدورة فى لملمة شتاتها وحشد الملايين من الشعب للخروج ضد البطش والاعتقال وتحقيق مطالب الثورة، هذا هو الحل الوحيد لأن جماعة الإخوان وأشقاءها لن يتوانوا لحظة عن الإطاحة بأى من معارضيهم، فهم يظنون أنفسهم يعرفون مصلحة الشعب أفضل من الشعب، ويظنون أنفسهم أن الله عز وجل يكافئهم بالوصول للسلطة بعد طول قهر وحرمان على يد الأنظمة السابقة، وهم يظنون أنفسهم، وهذا هو الأهم، أنهم حاملو رسالة إلهية لا لمصر فحسب، بل للعالم الإسلامى كله، فحوى الرسالة تقول إن عليهم الشروع فورًا فى تأسيس الخلافة الإسلامية التى ستجلب لنا الخير والسعادة ورضا الرحمن فى علاه!.
طوال أكثر من عشرة أشهر فى ظل حكم الإخوان ومناصريهم لم يتقدم الشعب المصرى إلى الأمام خطوة، فالفقر فى ازدياد، وديون الدولة المصرية زادت عشرين مليار دولار فى عهد مرسى، سيدفع ضريبتها أنا وأنت وابنك وابنى، بينما الملايين من الأموال تتراكم فى جيوب قادة الإخوان من رجال الأعمال ومعهم رجال أعمال مبارك، فنظام مرسى هو الوجه الملتحى لنظام مبارك، ولعلك تلاحظ الحضور المتزايد لمن يسمون أنفسهم (أبناء مبارك) وحركة (آسفين يا ريس) فقد أدرك أولئك وهؤلاء الرابط الوثيق بين مرسى ومبارك، وبالتالى تجرأوا وخرجوا يطالبون بالإفراج عن رئيسهم الديكتاتور! تذكر أن هؤلاء لم يكن لهم أى ذكر فى الشهور الأولى التى أعقبت الثورة، حيث لم يكن يجرؤ أحد على الجهر بمناصرة مبارك آنذاك، فالتيار الثورى الشريف كان جارفاً، ومبارك يعد الممثل الأول لنظام جاهل وقمعى وجشع أفقر ملايين المصريين وأذلهم. ومن ثم اختبأ عاشقو مبارك فى الجحور، فلما أيقنوا أن مرسى مثل مبارك، (وأحمد زى الحاج أحمد) خرجوا للنور يحتفلون بعيد ميلاد كبيرهم المسجون فى الميادين العامة!.
مأساة.. نعم. الثورة سرقت.. نعم. الفقراء.. فى جحيم متزايد.. نعم.. البطش فى ازدياد.. نعم.. والحل؟
الحل بيدك أنت. بيد الشعب من عمال وفلاحين وثوار وسياسيين شرفاء وعاطلين، علينا جميعًا أن نستعد لجولة ثانية من ثورة حقيقية تعيد الحقوق لأصحابها، وهى ثورة قادمة لا محالة!.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى موسى
مكرر