استطاعت حركة تمرد أن تجمع أكثر من 2 مليون توقيع ضد الرئيس مرسى فى عشرة أيام، وهو رقم ضخم أيا كانت طريقة النظر إليه، يشير إلى وجود حالة من الرفض وعدم الرضا عن نظام الحكم، بقيادة الرئيس مرسى، وينسحب الرفض وعدم الرضا على جماعة الإخوان، كل مشتملاتها من مؤيدين بصراحة، أو مؤيدين بتلاعب أو راقصين على السلم.
حجم وأرقام التوقيعات أثارت خوفا داخل جماعة الإخوان، لأنها جاءت بمثابة استطلاع للرأى حول شعبية الرئيس والجماعة، وتكشف إلى أى مدى عجز الرئيس خلال شهور عن أن يكون رئيسا للمصريين، وليس مجرد ممثل لجماعة الإخوان، وحتى لم يكتف بأن يكون مرشحا فائزا لحزب الحرية والعدالة، لكنه أبقى على الغموض فى علاقة الجماعة بالسياسة والسلطة بشكل تجاوز ماكان بين مبارك والحزب الوطنى، وقد ظهر فى التشكيل الوزارى الأخير كيف تفرض الجماعة مرشحيها بصرف النظر عن الكفاءة.
وأيا كانت طريقة النظر لحملة «تمرد»، فهى مؤشر واضح على موقف الشارع من الرئيس وجماعته، ويشير أيضا إلى أن نظام الجماعة لم يستفد من تجربة مبارك القريبة، والتى تراكم الغضب فيها خلال عقود، بينما الغضب فى حالة الرئيس مرسى تكون خلال شهور.
جماعة الإخوان حاولت إظهار عدم الاهتمام ، ثم بدا القلق من رقم التوقيعات، ثم بدأت ترد بالقول إن هذه التوقيعات غير قانونية ولا دستورية، وإن الصناديق «تكذب الغطاس». بالرغم من أن جماعة الإخوان شاركت فى جمع توقيعات للبرادعى فى مواجهة مبارك، ولم يقولوا إنها غير قانونية، وبعد أن صعدوا السلطة أصبحوا يتحدثون مثل السلطة.
المفارقة أن الجماعة دفعت لحملة توقيعات «مؤيد»، وكالعادة استدعت حلفاءها من الجماعة الإسلامية فرع عاصم عبدالماجد، لحملة « تجرد»، وهى مفارقة تكشف عن حملة «تخبط»، التى تحرم تمرد، وتدعم مؤيد وتجرد، وتلبك وما يستجد، وهى طريقة دعم معارضة المعارضة التى نراها فى جبهة الضمير التى تلعب مع السلطة بكل «تجرد».
وحتى لو اعتبرنا حملة تمرد استطلاع رأى، فهى تكشف عن التراجع والتخبط وفقدان الثقة الذى جاء سريعا، وربما أسرع مما يتصور أحد. لكن الأهم أنه تزامنا مع حملة تمرد، يأتى استطلاع مركز بصيرة للرأى، وهو نفس المركز الذى اعتاد إجراء استطلاعات احتفت بها الجماعة، تكشف ارتفاع شعبية الرئيس مرسى. كانت الشعبية تتجاوز الـ%70 بعد شهر من تولى الرئيس مرسى، وانخفض التأييد إلى %30 بعد 10 أشهر من حكمه.. بعد أن كانت %37 فى نهاية الشهر التاسع و%58 فى نهاية المائة يوم الأولى.. وبلغت نسبة غير الموافقين على سياسات الرئيس مرسى %47 مقابل %46 موافقين.
الاستطلاع يتوافق فى نتائجه مع نتائج حملة تمرد.. وإن كان يكشف أيضا أن أكثر من ثلث المصريين لا يعرفون «جبهة الإنقاذ»، التى ارتفع عدد مؤيديها بنسبة طفيفة.
وبالتالى فإن استطلاع بصيرة مع نتائج «تمرد» يكشف عن أن المصريين ربما لايجدون فى المعارضة مايريدون، لكنهم لايثقون فى النظام.. وأن الشباب مايزال قادرا على إثارة الدهشة، وكشف «الفشل والتخبط».