عندما تصبح اللحية مشكلة مصر الكبرى!

هكذا سيكتب التاريخ فى عام 2113، أى بعد قرن من الزمان:
• فى مارس 2013 وصل المسبار فويجر الذى أطلقته وكالة ناسا الأمريكية للفضاء إلى الطرف الخارجى للمجموعة الشمسية بسرعة تتجاوز 61 ألف كيلو متر فى الساعة بهدف اكتشاف المزيد من أسرار الكون!
• فى أبريل 2013 أطلقت الشركة الكورية سامسونج الجيل الجديد من الهاتف المحمول (S 4) وهو يتمتع بخصال جديدة مدهشة!
• فى كل ساعة يبتكر علماء أوروبا وأمريكا واليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية أشياء جديدة تخدم البشرية وتستفيد منها شعوب العالم أجمع فى كافة المجالات، بينما توقف العرب عن الإسهام فى ابتكار أى شىء منذ ستة قرون على الأقل!
• فى مطلع 2013 اندلعت معركة وهمية فى مصر، حيث طالب عدد من ضباط الشرطة السماح لهم بإطلاق لحاهم على أساس أن ذلك يعد سنة من سنن الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قام هؤلاء الضباط بتنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة بعودتهم إلى العمل وهم ملتحون!
• وقد ساندت بعض التيارات المتأسلمة والشخصيات السلفية مطالب الضباط بقوة، فراحوا يهددون ويتوعدون من يحرم أى ضابط من إطلاق لحيته!
• فى ذلك الوقت (النصف الأول من 2013) كانت مصر تعانى من مشكلات ضخمة بسبب استبداد النظام السابق (محمد حسنى مبارك حكم البلاد 30 عامًا فأفقر شعبها) ولما قامت ثورة كبيرة وعظيمة ضده فى 25 يناير 2011، لم يتمكن النظام الجديد (الدكتور محمد مرسى) من ابتكار الحلول لتجاوز تلك المشكلات إذ سار على الطريق نفسها التى سلكها سلفه، فزادت نسبة الفقراء بصورة مخيفة، وتفشى الجهل والمرض بين الناس!
• فى تلك الأثناء تمكن الضباط الملتحون من فرض قضيتهم التاريخية على المجتمع، فراحت وسائل الإعلام تتحدث عن تلك المشكلة الكبرى، فتستضيف الملتحين الذين يؤكدون حقهم فى إطالة اللحية، مستنكرين موقف وزير الداخلية الرافض لهم، منبهين إياه أن رئيسه، وهو رئيس الدولة نفسه أطلق لحيته! (كان الرئيس محمد مرسى أول وآخر رئيس مصرى ملتح منذ تأسيس الجمهورية فى عام 1953)، أى قبل أكثر من 160 عامًا!
• تقول بعض المصادر غير المؤكدة فى تلك الفترة إن أحد الكتاب قد لقى مصرعه على يد متشددين دينيين بسبب مقالاته التى تندد بتيارات التأسلم السياسى، وقد استعان هذا الكاتب ببيت شعر للمتنبى قاله قبل أكثر من ألف عام يفضح فيه ضيق الأفق الذى يعانى منه بعض العرب عند رؤيتهم للدين الإسلامى الحنيف، لأنهم يخاصمون العصر الحديث ويتمسكون بالقشور، فيهجرون المعامل والأبحاث، وينشغلون باللحى والملابس! يقول البيت:

أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟
هذا بعض ما دونه التاريخ عن عام 2013، أى قبل مئة سنة!