ماتزال حركة تمرد تثير ردود الفعل من جماعة الإخوان التى تحاول الظهور بمظهر غير المهتم أو المتجاهل، وتقلل من قيمة التوقيعات، وتصر على أن صندوق الانتخابات هو الأهم، وأياً كانت ردود الفعل من الجماعة، فهى طبيعية، لكون الجماعة هى سلطة ونظام حكم. وقد انقلبت الآية اليوم، بعد عامين وزيادة على حملة توقيعات وتوكيلات شاركت فيها جماعة الإخوان، لصالح الدكتور البرادعى فى مواجهة مبارك، ويومها كان الاتهام والهجوم يأتى من جهة النظام، والذى كان يرى البرادعى عميلاً والمعارضة متجنية، انقلبت الصورة وتلعبكت الآية. وأصبح الإخوان فى السلطة يقولون ما كانت تقوله السلطة ويفعلون فعلها، بل وبالرغم من محاولة الظهور فى صورة الواثق والقوى والذى لايهمه شىء من تمرد، فقد تم القبض على أعضاء الحملة ومطاردتهم ببلاغات ومضايقات، فكيف يقلل شخص من قيمة حملة ثم يطاردها.
الجماعة كان يمكنها أن تكتفى بالدفاع عن نفسها وتعلن أن هناك فرقا بين مبارك ومرسى، فمبارك كان يواصل الوجود طوال 30 عاماً بينما مرسى مايزال رئيسا تحت التجريب من عشرة شهور فقط، وهى أمور كان يمكن تقبلها لو كان مرسى استوعب درس مبارك والخلط بين الرئيس والحزب والحكومة والبرلمان، الأمر انقلب وتجاوز حزب الحرية والعدالة إلى الجماعة ودورها وتدخلها وفرض رؤيتها، كما أن الرئيس يعلن تعهدات لحلفائه وتراجع عنها، وأعلن عن مؤتمر العدالة ثم أصر مجلس الشورى على مناقشة القانون بحجة أن الرئيس سلطة تنفيذية، والمجلس تشريعية، والقضاء قضائية، وهى نظرية صحيحة شكلاً وفى المضمون يتداخل التنفيذى بالتشريعى بالقضائى، والحكومة بالوزارة بالجماعة بشكل يكرر ما كان موجودا فى السابق. كل ما جرى أنه تم استبدال نظام بنظام ونفوذ بنفوذ وخلط بخلط. وأصبح ما كان مرفوضا من الجماعة أيام كانت معارضة مقبولاً وهم فى السلطة، وما كان ممنوعا زمان، مشروعا اليوم. وكأننا نعيد المسرحية بممثلين جدد، نفس الخداع بإنجازات وهمية وأرقام مبالغ فيها. هذا التكرار حتى فى طريقة مواجهة المعارضة، فعندما ظهرت حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير ومعها الإخوان يجمعون توقيعات ضد النظام. كما رأينا حركة «مايحكمش» فى مواجهة التوريث، ظهرت جماعات فى الفعل مع النظام، وفى الشكل مع المعارضة، لكنها تعارض المعارضة. وبدأت عملية تجمع تأييداً لجمال مبارك، وأخرى لمبارك وثالثة للحزب الوطنى، ويقسمون أنهم مستقلون، يتحركون من رؤوسهم، وبحريتهم، وبكامل قواهم العقلية.
المفارقة أننا نرى نفس الطريقة، فإذا ظهرت جبهة الإنقاذ، خرجت لها جبهة الضمير، وإذا خرجت حركة تمرد، وجدنا حركة «تجرد»، التى تجردت بكل تجرد وأعلنت أنها ضد المتمردين. وبدت كرد فعل باهت، ترقص على السلالم، فلا هى واضحة مثل جماعة الإخوان وسلطتها ونظامها، ولا هى معارضة، ولا لديها تصور ولا وجهة نظر. وهى حركات تقدم نفسها عادة فى انتظار نظرة أو موقع أو مكان بجوار السلطة. مستعدون لتوصيل التجرد إلى السلطة، وإلى أى مكان.