عبد الرحمن يوسف

نصيحة لنفسى

الإثنين، 20 مايو 2013 11:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت طفلاً متمرداً متعباً، وأعترف أننى قد أتعبت أهلى كثيراً، أمى رحمها الله كانت تحكى عنى وعن شقاوتى كثيراً، والحق كل الحق أنها صبرت على وأنا طفل فى العاشرة، وصبرت كذلك وأنا طفل فى العشرين، وصبرت أكثر وأنا طفل فى الثلاثين، ولكن صحتها لم تسعفها لكى تصبر علىّ وأنا طفل فى الأربعين!

ولأننى طفل متمرد فإننى لم أكن أحب النصيحة، صحيح أننى حين كبرت قليلاً فهمت أن ذلك شكل من أشكال الرعونة لا يليق، وأن النصيحة قد تفيد كثيراً، خصوصاً حين بدأت بتجريب العمل ببعض هذه النصائح واستفدت، ولكن ما زال فى قلبى شىء تجاه أن أكون ناصحا، نعم.. لا أحب أن أرى نفسى فى موضع الناصح، صحيح أننى أضطر لذلك، ولكنى لو خيرت لما ارتقيت منبر النصيحة أبداً.

لذلك أعتبر مقالة اليوم موجهة لنفسى، وأقول فيها لى:
لا تسمح للسياسة أن تخطف منك أحبابك، ولا تسمح للخلافات السياسية أن تنغص علاقاتك الإنسانية، إياك أن تخسر صديقا حقيقيا لمجرد خلاف سياسى.

يبدأ النقاش، ثم يبدأ الخلاف، ثم يبدأ الصراخ، ثم الشجار، ثم ينصرف كل واحد وفى قلبه نقطة سوداء، وتتوالى الأيام، ونقاش بعد نقاش حتى توغر السياسة الصدور، وتزداد مساحة السواد فى القلوب، ونرى الأصدقاء فى قطيعة، والإخوة فى هم وغم، بسبب مواضيع كل واحد فيهم يملك فيها جزءا من الحقيقة، ولا أحد يملك الصواب المطلق.

كل واحد يريد أن يثبت أنه الصواب، وأن الآخر هو الخطأ، وتستمر المشاحنات حتى يكره الأحباب بعضهم، وكل واحد ينتظر سير الأحداث لكى يكلم أخاه أو أخته أو صديقه أو صديقته ويقول له: «مش قلت لك»!
يقولها المرء شامتا، يثأر لنفسه من أحبابه، وكأننا فى معركة لا بد فيها من قاتل ومقتول، وكأننا نعيد مشهد قابيل وهابيل.
صدق الشاعر:

وَلَـمّا رَأَيـتُ الـخَيلَ قُـبلاً كَأَنَّها/جَـرادٌ يُـباري وِجهَةَ الريحِ مُغتَدى/أَمَـرتُهُمُ أَمـرى بِـمُنعَرَجِ الـلِوى/فَلَم يَستَبينوا النُصحَ إِلّا ضُحى الغَدِ

ولكن الشاعر العربى دريد بن الصمة يأبى إلا أن يشمت، فيقول بعد البيتين السابقين:
وهَـل أَنـا إِلّا مِـن غَزِيَّةَ إِن غَوَت/غَـوَيتُ وَإِن تَـرشُد غُزَيَّةُ أَرْشُدِ!

نصيحة أوجهها لنفسى: رفقا بنفسك وبالناس، واعلم أن كل إنسان يصيب ويخطئ، وتذكر قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام حين قال: «أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما»!
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة