نتوقف أمام المقاهى
وكأننا نودعها
ونترك حبيباتنا بدون أسبابٍ
ونهجر الأماكن الحميمةَ
والأحلامَ.. «التى تعبنا فى صناعتها»
وفجأةً..
نضحك بعنف على أشياء ساذجةٍ
ونتوقف بدون أسبابٍ...
ليظهر المشهدُ الذى تكرر خمسين
مرة فى الأيام التى تسبق الحرب
حزينا وصامتا
تمتلئ المساجد تدريجيا بالمصلين
وتعمل محلات الذهب ليلَ نهارْ
ويصبح رجال الدين عاديين
يعتزل «الجواسيسُ» الناسَ
يصبح «الوطن» فى كل شىء:
فى الأغنيات التى صدئت مع البنادق،
فى الصحف التى تعلن عن الفقد،
فى الكلام السريع عن الخبز،
فى الموت الذى احتكره الصغار،
يحس المسؤولون بالذنب
فيشيّدون مساجد جديدةً
فى منطقة مزدحمةٍ بالمساجدْ
ويعاملون الشعب برقةٍ طاغيةْ
ويتحدثون عن السلام
ويشربون نبيذًا مع المناضلين القدامى
ويشترون مزارع خلف الناس
يزرعونها بالأمل
يستعد العسكريون للمجد
وتبحث السلطة عن شعراء جدد
يكتبون قصائد عن النيل وأُحمس
و«وقفة عابدين»
وعن وحدة الشعب ضد الغزاةْ
ويتدرب الأطفال على الصراخ
ويتدرب الآباءُ على الصمت
وتكف الأمهات عن وضع النفتالين فى الملابس
ويخجل الرؤساء
من تاريخهم
ويكتشفون وهم يتحدثون إلى صغار الموظفين
أنهم أخطأوا
وأنهم قصروا
وأنهم نادمون
ويحس الفلاحون بالرتابةِ
وهم يزرعون القمحَ
وهم «يحرسون» القمحَ
وهم ينظرون إلى دورهم..
فى المساء
بعد أن اكتشفوا المشهدَ
الذى تكرر خمسين مرة
فى الأيام التى تسبق الحرب
حزينا وصامتا
ديسمبر 1996
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة