30 سنة بدون أمل دنقل.. هكذا تخبرنا أوراق نتيجة الحائط، والعد الزمنى المتعارف عليه، أما سجلات الواقع والروح فلم يرد بها بعد خبر عن رحيل أمل دنقل. ربما اختفى الجسد، وفضل العزلة عن المنظومة الاستهلاكية التى تطحن عظامنا فى اليوم آلاف المرات، لكن الروح وما خلقته من كلمات مازالت تقود أحلامنا ومشاعرنا العاطفية والوطنية بقصائد لا تعرف معنى الموت أبدا..
ونحن الآن نعيش نكسة جديدة باختطاف جنود مصر السبعة من داخل أرض سيناء، نعود لنكتشف أن الإجابة عن كل الحيرة التى صاحبت هذه النكسة لا يملكها سوى أمل دنقل، ولا توجد سوى فى صندوق قصيدته «لا تصالح».. الوحيدة التى مازالت على قيد الحياة تمارس دورها الذى أنجبها أمل دنقل من أجله، البشر الذين رفضوا وقاطعوا، بعضهم أخذته الحياة وانفرم فى خلاط الدنيا والمصالح، وبعضهم مات بحسرته.. وحدها «لا تصالح» مازالت تقاتل حتى الآن، ومازالت تعيش حتى الآن.
هذا هو التأثير الأكبر لقصيدة «أمل دنقل».. سلاح يرفعه أبناء هذا الوطن كلما حاولت الدولة أن تجرهم إلى حظيرة التطبيع مع إسرائيل، وشعار نحتاج إلى إعادة رفعه فى تلك اللحظة الراهنة من عمر الوطن، والتى يسعى فيها الجميع لمبادلة الديمقراطية والحرية بكلام كثير عن الاستقرار، والبعد عن وجع الدماغ..
لا تصالحْ!
ولو منحوك الذهب.
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هى أشياء لا تشترى.
«لا تصالح» هى سلاح مصر المعنوى الذى تركه أمل دنقل كالمنبه، وقام بضبطه ليذكر الناس كلما أحس بغفلتهم تطول، أو كلما تمادى الطاغية- أى طاغية سواء كان فى ثوب رئيس أو ثوب مكتب إرشاد أو ثوب رجل دين- فى التسلل إلى مشاعر الناس، ومحاولة إخضاعهم بحجج من نوع الصلح خير، والهدوء والاستقرار أفضل، يعود صوت أمل دنقل وهو يهتف بحنين وقوة..
جئناك كى تحقن الدم.
جئناك.. كن - يا أمير - الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ فى جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم.
لا تفقد الأمل أبدا، حتى لو أخبروك بأن باقى لمصر يومان على الإفلاس، حتى لو أرعبوك بالانفلات الأمنى، وفزاعات الجماعات المتطرفة، لا تيأس أبدا ولا تمد يدك بالصلح قبل أن تحقق أمانيك ورغباتك، وإن أردت أن تعرف لماذا.. اسمع ياسيدى..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل.
لا تفعل مثلما فعل بعض الذين نسبوا أنفسهم لتلك الثورة، وتخلوا عنها مقابل منصب هنا، أو وعد بقطعة من التورتة هناك، لا تفعل مثلما فعل بعض شباب الثورة وباعوها مقابل فضائيات ومنظمات، ولا مثلما تفعل الدولة وتساوم على دم أبنائها وجنودها.. لا تفعل ذلك لأن أمل دنقل قال:
لا تصالح
ولو توّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر فى يد من صافحوك.
فلا تبصر الدم
فى كل كف؟
إن سهمًا أتانى من الخلف
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم - الآن - صار وسامًا وشارة.
لا تبع ثورة وطنك يا صديقى مقابل طن من الاستقرار، لا تبع أحلام الذين ماتوا خلال السنوات الطويلة الماضية وهم يحلمون بوطن أفضل.. أمل دنقل يخبرك بألا تفعل ذلك..
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام
ايه رايك
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
هل سنعرف
هل سنعرف من قتل و خطف الجنود المصريين ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
محروس
يامن تجلسون في الغرف المكيفة وتتفلسفون وتنشرون الفوضى
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام
انكشف الزيف
عدد الردود 0
بواسطة:
rona
تسلم ايدك
تسلم ايدك
يارب
عدد الردود 0
بواسطة:
د. مروان زيتون
أستغفر الله العظيم
عدد الردود 0
بواسطة:
الصاروخ
نعرفه شيوعيا
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود محمد حميد
مش بناخد منكم غير فلسفة كدابه
عدد الردود 0
بواسطة:
hany
شِكلك بقى بايخ قوي
عدد الردود 0
بواسطة:
كرم
الكاتب زى كثير من المثقفين واخدبن كل حاجة تريقة