خالد صلاح

خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": حل «عقدة النكاح» بين الأمن والدولة

الخميس، 23 مايو 2013 08:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


نحن تربينا خلال ثلاثين عاما على أن الحل الأمنى يعلو فوق كل الحلول. كانت الدولة هى الجهاز الأمنى، والجهاز الأمنى هو الدولة، فإن أردت ترخيصا لشركة خاصة، أو تصريحا لمنظمة أهلية، أو لحزب سياسى، أو وظيفة فى جهاز حكومى، أو عقد مؤتمر فى أحد الفنادق، أو حل مشكلة ثأر بين عائلتين، أو استعادة فتاة مسلمة أو مسيحية مخطوفة، فإن الأمن ولا شىء سوى الأمن كان السبيل الوحيد، اختصر نظام مبارك الدولة بكاملها فى الجهاز الأمنى، واختصر وزير الداخلية الجهاز الأمنى بكامله فى مباحث أمن الدولة، ثم صارت مباحث أمن الدولة هى الفاعل السياسى الأول على كل الأصعدة.

هكذا كنا، ولكن.. هل هكذا هو ما نريد أن نكونه فى المستقبل أيضا؟ وهل هذا ما يجوز أن نبقى عليه حتى بعد ثورة الشباب فى يناير؟
لا نرى من حولنا مؤشرا واحدا يرجح أن بلادنا فى طريقها إلى (حل عقدة النكاح الأبدى بين الأمن والجهاز السياسى للدولة)، وإن كنا لا نستطيع أن نلوم الناس التى لا تزال تترقب دورا أمنيا فى حل المشكلات الاجتماعية والسياسية، لأن هؤلاء الناس تربوا على هذا النهج لعقود ممتدة، فإننا يجب أن نلوم يقينا السلطة الجديدة التى لم تستطع حل هذه العقدة الأبدية، ولم تخلق بعد الأجهزة السياسية والمؤسسية التى يمكنها أن تحل المشكلات المجتمعية دون اللجوء إلى الحل الأمنى، أو تفض النزاع السياسى دون استدعاء للأمن فى الشوارع، أو تصل إلى حلول حقيقية لهموم الناس دون أن يكون الأمن حاضرا فى كل وقت، وفى أى وقت، ومسددا لضريبة الفشل السياسى والمؤسسى والمجتمعى إلى الأبد.

لا يمكن أن يقودنا الحراك السياسى الذى تشهده بلادنا حاليا إلى نتيجة مبشرة، إلا إذا قمنا بإعادة صياغة لـ(التوصيف الوظيفى) لجهاز الأمن فى البلاد، وحددنا بدقة الأولويات التى يجب أن تعمل عليها وزارة الداخلية، ووضعنا حدودا فاصلة بين الدور الشرطى الذى يجب أن يحتل قائمة الأولويات داخل الوزارة، وبين عقدة التورط فى الصراعات السياسية واستخدام العصا الأمنية فى مواجهة السياسيين.

الطريق إلى حل عقدة النكاح بين الأمن والسلطة سهل على من انعقدت لديه الإرادة السياسية لذلك، وصعب وشاق على من يحب أن تكون العصا الأمنية فى خدمته أولا قبل خدمة الناس، وإن كان الرئيس يريد لنا أن نحسن به الظن فى هذا الملف، فعليه أن يقطع الخطوة الأولى فى هذا الطريق.. والخطوة الأولى هى فى إعادة الهيبة لدولة القانون، أن يكون الناس سواسية كأسنان المشط أمام القانون، وقبل ذلك أن يكون إصدار القوانين خالصا لله وللوطن، وأن تكون الجهة التى تصدر القوانين تحظى بالشرعية، لا فاقدة للأهلية، ومشكوكا فى شرعيتها القانونية.

وقتها ستنتعش المؤسسات السياسية والحزبية والأهلية والإعلامية والمحلية، ووقتها لن يتم استدعاء الأمن إلا فى مواجهة الجرائم، لا فى مواجهة خصوم الفكر والسياسات.
والله أعلم.






موضوعات متعلقة..


خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": مبروك للرجالة.. العسكرى اللى فى الجيش والعسكرى اللى فى الأمن المركزى

خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": إلى المهندس خيرت.. العناد لم يكن ضمن ثقافة «مهاتير»

خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": القنوات الدينية ومأساة جنودنا فى سيناء








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة