للنجاح ألف أبّ، لكن الفشل يتيم، هذا ما حدث فى جريمة اختطاف الجنود ثم النجاح بإعادتهم سالمين بفضل عملية تنسيق بين أجهزة الأمن والاستخبارات والقوات الخاصة بالجيش والشرطة بعد أسبوع من احتجاز الجنود كان المعلن منها لا يتجاوز %5 من الملابسات الخفية. لا شك أن قلوب المصريين زغردت فرحًا بعودة أبنائنا الجنود، لكن الجريمة فجّرت أسئلة كثيرة عما يجرى فى الكواليس، فهل انتهت الأزمة عبر وساطة شيوخ القبائل بالتعاون مع المخابرات، أم أن عملية «القبضة الحديدية» التى نفذها الجيش هى «كلمة السّر»؟، أم هناك تفاصيل أخرى لا نعرفها؟ لا ينبغى أن تلهينا «سكرة الفرح» عن الوضع المأزوم فى سيناء، فهناك معلومات أمنية رصدت نشاطا ما لا يقل عن 25 جماعة إرهابية يتراوح عددهم بين ثلاثة لخمسة آلاف عنصر، فضلا عن ثمانية تنظيمات جهادية تتبع «حماس»، وجميعهم ممن ينتمون لتيار «السلفية الجهادية»، وهو أحد تجليات تنظيم «القاعدة»، التى تنكر الرئاسة والداخلية وجودها فى مصر، وهذا يتناقض مع الواقع على الأرض. لن تكتمل فرحتنا إلا بسحق البنية التحتية لهذه التنظيمات الإجرامية التى اعترف وزير الداخلية شخصيًا بأنها مسلحة بمعدات متقدمة لا تمتلكها سوى الجيوش. فكريًا تتبنى هذه الجماعات رؤية القاعدة فقهيًا، وتمارس سلوكها الإرهابى، ويسود اعتقاد لدى خبراء الإسلام السياسى بأن تنظيم «القاعدة» لجأ إلى استراتيجية جديدة بعد الحرب الأمريكية عليه وصار بمثابة «مظلة» لخلايا غير مركزية، تستهدف فى الحالة المصرية إقامة إمارات إسلامية فى سيناء. لا يصّح للعقلاء الغفلة والتصفيق فى «زفّة الإخوان» بتحرير جنودنا، فلم تحررهم ميليشيات الجماعة بل الجيش الذى أرى أنه تعرض خلال هذه العملية ووقائع أخرى سابقة لعملية «شيطنة» ومؤامرات دنيئة، باعتبارها المؤسسة الوطنية التى يلتف حولها المصريون من شتى المشارب، وستظل مستعصية على محاولات الإخوان لتفكيكها، وإعادة بنائها على أسس تخدم مشروعهم، وهو ما تعيه القيادة العسكرية جيدا. باختصار جددّت المؤسسة العسكرية رسالتها ضد المتربصين بها وعمقت ثقة الشعب، لكن ملاحقة الجهاديين بسيناء مهمة خطيرة، ففى الحسابات الاستراتيجية فإن شن عملية عسكرية واسعة ستؤدى لوقوع إصابات بين الأهالى، مما قد يفاقم المشكلة، لكن ما نحرص على تأكيده هو أن تظل «القبضة الحديدية» على كل شبر بسيناء لتحريرها من المجرمين ومن يقف خلفهم ويستخدمهم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د/محمد احمد
نبيل شرف الذى لا يقبل النقد البناء الا لما يتوافق مع فكرة التخلفى ضد الاسلام