لم تكن عملية خطف الجنود المصريين فى سيناء هى العملية الأولى للجماعات الإرهابية التى توطنت فى سيناء، فقد سبقتها عمليات فرض سيطرة ونفوذ على منطقة شمال ووسط سيناء، هذه السيطرة أضعفت نفوذ رؤساء القبائل وعواقل سيناء، وقد أعلنوا أكثر من مرة خشيتهم من تزايد نفوذ هؤلاء، وقدرتهم على تجنيد المزيد من الشباب من خارج سيناء، وأصبحت المنطقة كالإسفنجة التى تمتص وتجذب العناصر الإرهابية العائدين من الخارج، وتفيد معلومات بأنهم أقاموا معسكرات للتدريب وأصبح الحديث بقوة عن غياب نفوذ الدولة المصرية، بل بدأت العمليات المكثفة ضد الشرطة وأقسامها ومديرياتها بما معناه رسالة إنهاء وجود السيادة المصرية، لذلك هذه العملية قد تكون فرصة لتغير السياسة للتعامل مع سيناء وإعادتها السؤال هو كيف يمكن تحقيق الهدف بإعادة فرض الأمن وتطهير المنطقة من الإرهاب، وفى نفس الوقت تحقيق تنمية تعالج المظالم التاريخية لأهالى سيناء.
وفى الحقيقة أثبتت القوات المسلحة المصرية وقيادتها قدرتها على تحقيق الهدف بتحرير الرهائن دون الوقوع فى فخ إسالة دماء مصريين أو الاشتباك فى حرب استنزاف للجيش المصرى مع عناصر إرهابية، لا نعرف كيف تأتيهم الأسلحة ومن أين ومن يمولهم لاسيما وأن الإنفاق على هؤلاء مكلف جدا، فالبعض يقول إن تجار الأنفاق هم الممول الرئيس لهم وشركائهم على الناحية الأخرى من الحدود، بعض التحليلات كانت ترى أن هذه العملية كان الهدف منها تشويه الجيش أمام الرأى العام من جانب وإقالة قياداته بعد ذلك لكن إنهاء العملية بهذا الشكل عزز دور القوات المسلحة وقوى موقف القادة أما الرأى العام المصرى عكس ما كان مستهدفا.
أعتقد أن استمرار عملية مكافحة الإرهاب يجب أن تستمر وتعزيز دور الشرطة المصرية وقوات مكافحة الإرهاب مع أهمية أن تتم عمليات المكافحة دون إهدار حقوق الإنسان ووفقا للقانون، بتوالى مع ذلك هناك أهمية لإدارة برنامج طويل المدى للتنمية الإنسانية فى سيناء، وبرنامج للتعليم المدنى والتدريب على الإدارة المحلية والمشاركة فى التنمية لاسيما صناعة المنتجات المرتبطة بالبيئة، أيضا هناك أهمية لبرامج توجه للشباب لمواجهة البطالة، وخلق فرص للعمل وزيادة الدخول، مثل هذه البرامج هدفها هو دمج المجموعات السكانية بالمجتمع المصرى وفق روية تنموية تستهدف الإنسان المصرى فى سيناء.. يأتى على رأس أولويات العمل تصفية الأوضاع القانونية لمئات الشباب السيناوى الحاصلين على أحكام غيابية فى قضايا جنائية، وذلك بإجراء تحقيقات جدية فى هذه الجرائم وإعادة المحاكمة مره أخرى، وهنا لدينا وضع قانونى يسمح بإعادة المحاكمة، لاسيما وأن الدستور الجديد اعتمد المحاكمة الجنائية على درجتين، أى يجوز استئناف القضايا الجنائية، وبالتالى فإن عمل دراسة قانونية حول أوضاع هؤلاء هام جدا حتى تنتهى القضايا المعلقة، والتى تشكل حاجزا بين أهالى سيناء والدولة المصرية. وإذا نجحنا فى القضاء على الإرهاب هناك فى هذه الحملة التى نتمنى ألا تنتهى إلا بعد إنهاء كل المظاهر المسلحة وفرض السيطرة ومعسكرات الإرهاب، فيجب أن نفكر بجدية فى التواجد الأمنى والعسكرى المستمر فى هذه المناطق، الأمر الذى قد يتطلب إجراء تعديل على اتفاقية السلام، وبما يسمح بزيادة عدد القوات والمعدات فى المنطقة «ج»، وهى المنطقة الممتدة من العريش إلى طابا جنوبا والموازية لخط الحدود مع إسرائيل وغزة، لأن الفراغ الأمنى وتهريب السلاح أخل بقدرة الأمن بالمقارنة بقدرات الجماعات الإرهابية والمسلحة بأسلحة ثقيلة أقوى من أسلحة الشرطة المصرية، وبما سمح لهم بتهديد الأمن وفرض السيطرة والقيام بأنشطة غير قانونية وعمليات تهريب واسعة النطاق، وهو تهريب فى اتجاهين، وبما يشكل خطرا على السيادة المصرية، فالأمن والتنمية لسيناء مسئولية الدولة المصرية.