إسراء عبد الفتاح

أجمل دستور فى الكون

الجمعة، 31 مايو 2013 11:38 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أن أصدرت المحكمة الدستورية قرارها ببطلان قانون انتخاب مجلس الشعب الذى أدى إلى حله، وجميع أحكامها تثير جدلا كبيرًا، والحقيقة أنها لا تثير جدلا قانونيا بقدر ما تثير جدلا سياسيا واسعا واتهامات للمحكمة بتسييس أحكامها وتهديدات بغلقها ومطالبات بحلها من جهة، ومن جهة أخرى مؤيدون وداعمون ومعبرون عن أنه لا يجب المساس بها وبأحكامها، وبين هذا وذاك يقف الشعب المصرى حائرا يحاول أن يستوعب ماذا يحدث!

بعيدا عن الجدل القانونى، فهناك من هم أعلم منى بثغرات الأحكام وصياغة القوانين، لكن بالنظر إلى قرار المحكمة بعيدا عن الحسابات الانتخابية فإن القرار أدى إلى زيادة حدة الاستقطاب بين المصريين، والدليل على ذلك أن قرار المحكمة الدستورية سببه الحقيقى هو ما صنعته الجماعة من أجل تمرير الدستور «المسلوق» منفردين، وتجاهلوا انسحاب كل القوى المدنية ووصلوا الليل بالنهار حتى ينجزوه كيدا وعندا فى التيارات المدنية، وها هم الآن يحصدون نتيجة كبرهم وتجاهلهم مصلحة البلاد مقابل مصلحتهم فقط، فالمحكمة الدستورية حكمت على القانون الذى صاغه مجلس الشورى بأغلبية إخوانية وأقلية تحترم الإخوانية من خلال الدستور الذى صاغه نفس الأغلبية والأقلية.. فكيف تتحمل «الدستورية» نتيجة ما صاغه وانفرد به جماعة الإخوان.. وهنا أتذكر المثل الشعبى الشهير «اللى بيلعب بالنار هيتلسع بيها».

وإذا نظرنا للموضوع فى إطار خارجى، نجد أن بالفعل فى الديمقراطيات الراسخة يحق لرجال الشرطة والجيش التصويت فى الانتخابات والاستفتاءات، ولكن هذه الدول لديها قانون واضح ودستور متفق عليه وفصل واضح بين السلطات لا يخشى معه تصويت أى من مؤسسات الدولة، لكن المناخ فى مصر الآن غير مواتٍ بالمرة، استقطاب سياسى واسع ليس فقط للمواطنين ولكن لمؤسسات الدولة أيضا من قضاء وجيش وشرطة حتى إن التصنيف بين ثورى وعميق وإخوان لحقت بها، صحيح أنه من حق جميع المواطنين المشاركة فى العملية السياسية سواء بالاقتراع أو الترشح، لكن مؤسسات الدولة التى تحمل السلاح عليها أن تبقى بعيدة عن العمل السياسى فى ظل هذا الوضع، وأن تظل مهمتها الوحيدة هى حفظ الأمن القومى لمصر والمصريين أجمعين.

إذا كان أفضل ما فى الديمقراطية أنها تساوى بين الجميع، فأسوأ ما فى هذا القرار هو توقيته فى ظل هذا المناخ غير المتجانس مع القرار، وبعد ثورة أسقطت رئيسًا كان ينتمى للعسكريين، وكان مسيطرا على جهاز الشرطة، ولكن لنعدد المخاوف من تطبيق القرار فى الانتخابات القادمة والتى لا يعلم علمها إلا الله، ماذا لو دعمت قيادات الجيش مرشحا، بينما كان لأفراده وقياداته المركزية رأى آخر؟ هل يؤدى ذلك إلى انشقاق داخل صفوف الجيش؟ ماذا لو كانت الشرطة التى تؤمن العملية الانتخابية وتحمى القضاة والناخبين والصناديق تنحاز لمرشح بعينه فهل ستقوم بمنع المؤيدين للمرشح الآخر من التصويت أو تعرقل تصويتهم أو حتى تتخلى عن حمايتهم؟ وإذا كانت الأحزاب الإسلامية قد نجحت فى استخدام شعارات الدين لدعم مرشيحها فهل يستخدم قيادات الجيش التهديدات بالأمن القومى لدعم مرشحيه؟ وساعتها يقع المواطن فى حيرة فإن اختار المرشح المدعوم من الجيش من أجل الأمن القومى للبلاد أصبح كافر وإذا اختار مرشح الأحزاب الإسلامية من أجل الدين صار خائنا.

وأخيرا أرى أن الصوت العاقل هو الذى خرج من مصدر من القوات المسلحة بإرجاء عرض هذا القرار للمناقشة ما بين 5 و10 سنوات لعل وعسى نصل إلى مرحلة الديمقراطية الراسخة، ومن ناحية أخرى ستجبر جماعة الإخوان إن عاجلا أم آجلا إلى تعديل دستورهم «أجمل دستور فى الكون».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة