هو مين بيعمل إيه فين؟.. سؤال منطقى يطرحه أى مواطن بعد الاستماع لخطاب الرئيس مرسى الذى جاء فى موعده مع «باسم». كان المتوقع أن يتناول الرئيس ما يواجه مصر من تحديات خارجية وداخلية، أو يدعو الشعب للصبر والتوحد، لكنه بدلاً من ذلك وكعادته، غمز ولمز باتهامات عن «مين وفين وبيعمل إيه وبيلعب مع مين».
وهو خطاب زاد الحيرانين حيرة، والمتسائلين أسئلة، و«المتكوكبين» كوكبة وكركبة.
الرئيس عاد ليكرر الاتهامات الغامضة، عندما قال: «من يتصور أن الدولة لاتراه أو تغض الطرف عن سقطاته إنما تغضها لأننا وطن وشعب أكبر من السقطات». ثم أضاف إلى الغموض غموضاً «أنا عارف كويس قوى مين بيقول إيه إزاى علشان إيه». وعادت للذاكرة فوراً خطابات الرئيس عن مؤامرات الحارة المزنوقة، ومخططات المكاتب المغلقة، و«الصوابع اللى بتلعب فى البلد»، وكلها كانت تهاويم، لم تنته لإعلان متآمر، أو الإمساك بمؤامرة.
كثيرون توقعوا أن يتضمن خطاب الرئيس كلاماً أو إشارة إلى ما يجرى فى منابع النيل، وإثيوبيا التى شرعت فى تحويل مجرى النيل، أو أن يشير إلى سيناء وما تم فى مواجهة الجماعات المجهولة التى تهدد الأمن، وهى أمور تحتاج إلى عرض وإشارة، والأهم تحتاج إلى خطاب تصالحى أو إشارة قوية فى مواجهة الخطر. أو كان عليه أن يكتفى بحديث عن قانون الجمعيات المقدم وشرحه وتأثيراته ومميزاته.
ربما كان الرئيس يقصد القول إنه يعرف كل ما يجرى فى مصر، لكن الواقع أن الأزمات والمشكلات والانفلات تشير إلى غياب المعلومات، وآخر مثال ما جرى مع سد إثيوبيا، وقبلها سيناء، ومعها أزمات السولار والاقتصاد والعلاقات. وهى قضايا المخفى فيها أكثر من المعلن. ثم يترك الرئيس كل هذا ويوجه تهديدات للإعلام مرة، وللمعارضة مرة أخرى، ويخبرنا أنه يعرف «مين بيعمل إيه فين الساعة كام».
الحديث واضح أنه يتوجه لمعارضة، فى الوقت الذى تواجه فيه البلاد تحديات وتهديدات خارجية وداخلية تحتاج إلى التوحد، والجمع وليس التفرقة، وإذا كان لدى الرئيس معلومات موثقة واتهامات واضحة، فعليه أن يقدمها لجهات التحقيق وأن يتم الإمساك بهذه الجماعات والصوابع والـ«مين اللى بيعمل إيه» حتى لايظل الأمر مجرد كلام بلا دليل.
لكننا أمام نوعيات من الخطابات الرئاسية، تحتوى على الكثير من الجمل الإنشائية والاتهامات الجزافية، التى غالباً ما تأتى على فاشوش، وهى أمور تثير الكثير من التساؤلات عن هؤلاء الذين يصيغون خطابات الرئيس، وهل هم يدركون ما يجرى، وهل هم أذكياء بالدرجة التى تمنحهم فهما لا يصل إلى أذهان المواطنين، أم أن هناك من يدس فى الخطاب ما يضاعف الصدام والفرقة؟
فى كثير من الأحيان تبدو خطابات الرئيس مرسى عكسية، فهو يهدد فى وقت يفترض فيه أن يلين، ويلين فى وقت يفترض فيه أن يهدد، وكان خطابه الأخير مثالاً لحالة «الخطاب المعكوس» وكأن هناك من بدل خطابه فى موضوع النيل ليضع مكانه خطاب الجمعيات.
لكن الأكثر إدهاشاً من كلام «مين بيعمل إيه»، هو كمية التصفيق التى أطلقها السادة المصفقون فى المؤتمر، وما تلاها من خطاب «السجع والنتع» الذى ألقاه أحد الحاضرين.. ليبقى السؤال الأهم «هو مين عمل إيه فين؟».