منذ أكثر من 20 عاما والمجتمع المدنى فى مصر يناضل من أجل قانون يحرر العمل الأهلى من ربقة الاستبداد الحكومى الذى أحكم قبضته على الجمعيات والمنظمات الأهلية فى مصر من خلال قانون 32 لسنة 1964 الذى قيد إنشاء المنظمات وأعطى صلاحيات مطلقة للسلطة التنفيذية للتدخل فى العمل اليومى والنشاط للجمعيات الأهلية، بل كذلك انتخاب أعضاء مجلس الإدارة كان يجب أن يكون بموافقة أمن الدولة والموافقة على التمويل المحلى أو الدولى أو جمع التبرعات، كلها كان يجب الموافقة عليها والترخيص بها، وظل النضال ضد هذا القانون مستمرا حتى تم تعديله بالقانون 153 لسنة 1999 الذى حكم بعدم دستوريته وتم إصدار القانون 84 لسنة 2002 ولم نتمكن من تغيير الفلسفة التقيدية للقانون وأصبح حق التنظيم شبه مصادر للجمعيات، وبعد الثورة تجددت الآمال لإزالة القيود والعقبات من أمام المجتمع المدنى، ولكن سرعان ما تراجعت هذه الآمال وتكسرت على صخرة الرغبة السلطوية للحكومة والرغبة فى إعادة إنتاج القوانين المقيدة للحريات.
فى الحقيقة المشروع المقدم من رئاسة الجمهورية صادم، وينتمى إلى عصور الاستبداد ويقيد العمل الأهلى المدنى، بل يقصر الفهم على الجمعيات الأهلية أنها تلك الخيرية التى تجمع الأموال من الداخل كالزكاة أو جمع المال من المواطنين لأعمال ذات طبيعة خيرية، أما المجتمع المدنى الحقوقى فكل القيود الواردة فى القانون موجهة لهذا القطاع، ليس هو فقط لكن كل المنطمات الدولية غير الحكومية، سواء تلك القائمة على اتفاقيات دولية أو لا، بينما فتح الباب لجمعيات جامعة تعمل داخل مصر وخارجها دون قيود، بما فى ذلك تلقى التمويل من الخارج الذى سيأتى إليها من فروعها الدولية الممتدة فى دول الخارج، فهذه المقصود بها جماعة مثل جماعة الإخوان، أما المنظمات الدولية غير الحكومية أو المشروعات المشتركة مع منظمات محلية فهذه تخضع لرقابة صارمة من اللجنة التنسيقية التى تشكل من أربع وزارات يتم تحديدها فى اللائحة التنفيذية، بالإضافة إلى أربع شخصيات من الاتحاد العام الذى يعين رئيسه الرئيس، وفى الحقيقة أن إحالة الموافقة على المشروعات للمنظمات الوطنية أو على المنظمات الدولية غير الحكومية إلى اللجنة التنسيقية هو أسوأ بكثير مما كان فى القوانين فى العصور السابقة.
كنا نتوقع من الدولة والحكومة بعد الثورة أن تعمل بالفعل على إنكار سياسة التخوين وتصحيح العلاقة مع منطمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان والأخذ بالمبادئ الدولية فى قوانين الجمعيات، وطالبنا أن نأخذ بأحد القانونين التونسى أو الليبى اللذين أخذا بنظام العلم والخبر فى الإنشاء والإخطار فى التمويل والمشروعات الدولية المشتركة مع منظمات دولية كالأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة أو المنظمات الدولية المعنية بالحقوق والحريات، إلا أنه لم تأت الرياح بما تشتهى السفن ووجب علينا الاستعداد لمقاومة الاستبداد ومصادرة الحقوق بالقوانين المقيدة للحقوق والحريات وعلى رأسها حق التنظيم.
أعتقد أن هذا القانون سيشكل صدمة للمنظمات الدولية، لاسيما المجلس الدولى لحقوق الإنسان، فقد كانت مصر أعلنت التزامها بالتوصيات التى أصدرها المجلس الدولى أثناء مناقشة التقرير الدورى الشامل عام 2010، ومن بينها الالتزام بتحرير العمل الأهلى من القيود الحكومية، ورأينا بيان المفوض السامى السيدة نافى بليه حول قانون الجمعيات ومخاوفها من القيود التى تنوى الحكومة فرضها على المنظمات غير الحكومية، لاسيما فى التمويل والإنشاء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
كل دولة ولها نظامها
عدد الردود 0
بواسطة:
صقر
تمويل خارجى لله