ربما لم نعرف نموذجًا تتزاوج فيه القوة والجدية والحسم بالإنسانية، والحكمة والحوار المستمر، وإذا توافر هذا النموذج قد يتوه بين رفاقه، وحين نجد رجل الشرطة بذات هذه الملامح التى كنا نبحث عنها منذ سنوات، نحس أنه إنجاز، فكم عانى الشعب من تعالى رجال الأمن فى عهود سابقة ترتب عنه سلبيات كثيرة، أمامى نموذج يعبر عن حالة التصالح بين الحزم والإنسان الذى بداخله وبكل ما يحمل من قيم، هو اللواء حاتم عثمان مساعد وزير الداخلية ومدير أمن الغربية، ففى قمة هذا التشتت الأمنى الذى تعيشه مصر استطاع أن يحقق خطوات تمكن المواطن من المحافظة والاطمئنان على حياته وأمنه ومستقبله ومستقبل أبنائه، حتى أنى توقفت أمام عنوان الندوة التى أقامها مؤخراً بعنوان «الشرطة بين الواقع والحقيقة»، وفيها تعاظم الإنسانية وروح العدالة فوق أى قوة أخرى، تعرضت الندوة للمآسى التى واجهتها الشرطة بعد الثورة والشهداء الذين قدموهم.. أحسست من الندوة أن هناك فكرا خاصا لدى هذا الرجل وتصوار نحو علاقة وطيدة بين الشعب والشرطة قوامها الاحترام وتبادل الثقة وتقدير كل طرف للآخر.
اللواء حاتم عثمان.. نجح فى استعادة الأمن فى مراكز المحافظة، وإلى جانب ذلك تمكن من ضبط حركة الشارع وتكثيف الدوريات فى جميع المراكز التابعة لمحافظة الغربية، وهو رجل لا ينعزل عن الجماهير، ولهذا فهو لا يجعل حدودا بينه وبينهم، فمكتبه مفتوح أمام أى مواطن، يستقبل بنفسه أى شكوى بدون وسطاء وبدون أى مخاوف.. هذا الأسلوب الرفيع جعل المواطن يحس بدفء العلاقة بينه وبين الشرطة، فبرغم انتشار الانفلات الأمنى والذعر بين الأهالى فى أغلب الأماكن، فإن محافظة الغربية لا تشعر بهذا الفزع فى شوارعها حاليا لأن الحملات مستمرة لتأمين الشوارع ورادعة لكل من تسول له نفسه أن يفرض بلطجته على الشعب هناك، ونجحوا بالفعل فى القبض على عتاة إجرام شكلوا فى سنوات الكثير من الرعب وسط الجماهير فى مختلف المراكز بالمحافظة، ولا ننسى أن اللواء حاتم عثمان نجح أيضًا ببراعته فى تقدير واحتواء ثورات الغضب التى شهدتها المحافظة فى أوقات كثيرة بحكمته وضحكته، احتوى غضب أعضاء القوى الثورية بعد وفاة الشهيد محمد الجندى.. كانت المظاهرات تجوب المراكز والكثير من بلدان المحافظة، وكان من الممكن لا قدر الله أن تتحول هذه المظاهرات إلى مجازر لولا حكمة اللواء عثمان الذى أمر قوات الشرطة بضبط النفس لأقصى درجة.. بل إن كثيرين من بعض هذه المظاهرات اقتحموا مديرية أمن الغربية من القوى الوطنية هناك، ولكنه سيطر على الموقف بكل دبلوماسية معليا لغة الحوار فوق لغة السلاح.. وتكرر بعد ذلك غضب كبير بعد محاكمة الناشط الثورى أحمد دومة فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية ازدادت حدة القلق وتعاظمت المظاهرات بعد أن تمت إحالة دومة للمحاكمة، وجاء أعضاء القوى الثورية لإحداث شغب ويحاولون التعبير عن الدفاع عن الناشط الثورى، وتصدى لهم اللواء حاتم عثمان بهدوئه المعهود.. وأيضًا فى مدينة «المحلة» فى الشهور الأخيرة أكثر من محاولة فاشلة لاقتحام المراكز هناك عقب مظاهرات الغضب للتنديد بحكم محمد مرسى، وأمر اللواء عثمان بعدم التعامل مع المتظاهرين.
هذا نموذج أتكلم عنه وهو فى موقعه لا يتعالى على أحد، بل يفتح بابه ليستقبل الجميع ويتحاور رافضا لغة السلاح وواضعا الحكمة والإنسانية الكيان الأكبر فى حل الأزمات.