دخل اعتصام القضاة يومه الثالث احتجاجا على إصرار مجلس الشورى على مناقضة قانون السلطة القضائية، والذى يعد من أبشع مشاريع القوانين التى تصر جماعة الإخوان المسلمين على تمريره وبسرعة فى إطار خطتها لإحكام السيطرة على مؤسسات الدولة التى تمثل الحصن الحصين للشعب المصرى. وقانون السلطة القضائية والذى يسوق له قيادات الإخوان على أنه حق من أجل التطهير ما هو إلا حق يراد به باطل فلا يدعى أحد أن القضاة أنبياء أو أولياء ولكن بينهم من يخطئ وبينهم من يحتاج إلى التطهير شأنهم شأن أى شريحة أو فئة من فئات المجتمع ولكن ليس بهذا السيف يتم التطهير، فالقضاء المصرى له تاريخ ولو كان هناك تقييم لأدائه بشرط أن يكون تقييما خارجا عن الهوى لحاز القضاء على مستوى متقدم من النزاهة وكان له دور طوال تاريخه حتى فى عهد النظام السابق يتسم بالوطنية فكانوا هم السند لكل من يتعرض للظلم. ولو كان القضاء فاسدا كما تزعم جماعة الإخوان لكانوا جميعا يقبعون خلف القضبان. ولكن رغبة الإخوان فى تمرير القانون ما هو إلا وسيلة لإحكام السيطرة على مؤسسة من أعرق مؤسسات مصر وحتى يتسنى لهم وكما يعلم الجميع أخونة هذا الحصن وتحويله إلى سيف لإرهاب التيارات السياسية فى مصر مثلما هى المحاولة لأخونة الإعلام والصحافة وكل قطاعات الدولة الاقتصادية والثقافية حتى الإدارة المحلية لم تسلم من الأخونة.
إن تعجل الإخوان فى تغذية كل مفاصل الدولة بعناصر من أنصاف العقول سوف يكون له تأثيره السلبى على مصر وسوف يرجع بها إلى الوراء مئات السنيين. واهتمام الجماعة بالأخونة مقدم على الانشغال بأزمات مصر مع الخارج فإثيوبيا وسد النهضة بها لم يشغل بال الحكومة ولم يوجه اهتمامها إلى كارثة سوف تصيب مصر اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا فى مقتل، لم تلتفت الحكومة إلى كوارث نضوب الطاقة الذى يكاد يوقف عجلة التنمية فى مصر ويحيلها إلى دولة غارقة فى الظلام، لم يعن حكومة الإخوان الانهيار الصحى والتعليمى فى مصر واختفاء الأدوية وانهيار الخدمة بالمستشفيات ولكنها تنطلق فى اتجاه الأخونة وكأن برنامج نهضتها يتضمن وضع المتخلفين إداريا وعلميا وفنيا من الإخوانجية فى مواقع القيادة والريادة، ونسى الإخوان أن نهضة مصر الحديثة التى بناها محمد على كانت من خلال إسناد الأمر إلى أهله فكان يستعين بالمتخصصين من الفرنسيين والأجانب وكان يرسل البعثات للخارج وكان يبنى مصر تعليميا وعسكريا وزراعيا وصناعيا وتجاريا كان يستعين بكل من يستطيع أن يحقق إنجازا. وبناء مصر ونهضتها لن يتم إلا بالخبراء والعلماء والمتخصصين وليس بالإخوان.
والقضاء هو دائما الميزان الذى توزن به الأشياء وتعتدل به أمور الدولة وشئونها وإصلاح ما به من خلل فهو واجب ولكن ما يحدث الآن هو خلخلة ما به من توازن. وأرى أن مشروع قانون السلطة القضائية الذى يصر مجلس الشورى على مناقشته ما هو إلا حق يراد به باطل خاصة حتى يلتوى الحق ويختل الميزان ويتحول القضاء من سيف العدل إلى مقصلة لترسيخ منهج الباطل الذى ينتهجه الإخوان .