أنقل هذه القصة عن القيادى بالجماعة الإسلامية المهندس عاصم عبدالماجد الذى لا يمر يوم عليه دون أن يرمى المعارضين لمرسى بالكفر ويتوعدهم بالقتل، القصة تكشف طريقة تفكير هذا الرجل وجماعته، وهل هو يؤمن بالديمقراطية كما يزعم، وما هو موقعها بالضبط فى تفكيره وتصرفاته؟
القصة يحكيها الباحث ماهر فرغلى فى كتابه القيم «الخروج من بوابات الجحيم»، ويحكى فيه تجربته فى الجماعة الإسلامية، وسجنه بسبب الانتماء لها 13 عاما، وسبق لى أن عرضت الكتاب فى هذه الزاوية، وعدت إليه مرة أخرى بحثا عن سؤال: لماذا تؤيد الجماعة الإسلامية جماعة الإخوان على طول الخط؟ ولمَ دفاعها المستميت دون وجهة نظر نقدية واحدة لمرسى؟
فى صفحات الكتاب يمكن استنتاج الإجابة عن السؤال، كما يقود إلى إجابات أخرى مفيدة عن سؤال لماذا هذا الرفض الشعبى الكبير لتولى واحد ممن ينتسبون إليها محافظا لـ«الأقصر»؟
القصة تبدأ من دخول التليفزيون إلى سجون الجماعة الإسلامية، وكان هذا حدثا كبيرا عنوانه هل يجوز شرعا مشاهدة التليفزيون؟ وأمام الانقسام الذى حدث بشأنه، حدثت مفارقات مدهشة، منها إطلاق اسم «المفسديون» بدلا من التليفزيون، وأن البعض حاول حل المشكلة بوضع كرتونة فوق صورة المذيعة، وإغلاق الصوت عند سماع الموسيقى، وأمام هذا الحال كتب عاصم عبدالماجد فتوى أرسلها إلى بعض الإخوة فى الجماعة المعروفين بـ«علمانى سجن الفيوم»، وكانوا ممن يناصرون دخول التليفزيون إلى الزنازين، وكان منهم مؤلف الكتاب ماهر فرغلى، الذى يأتى بنص الفتوى كاملة فى كتابه، وهى طويلة، لكن يستوقفك فيها هذا المقتطف:
يقول فى فتاواه: «مسألة التلفاز التى نحن بصددها تتمثل فى شىء اختلف فيه اجتهاد الأمير مع اجتهاد بعض الإخوة، وأمر الأمير إما أن يكون واجبا أصلا كإقامة الصلوات فلا حق لأحد فى معارضته، من يعارضه آثم، أو أن يكون أمرا مندوبا فيصير واجبا لوجوب طاعته، أو يكون أمره معصية فلا تحل موافقته».
جمع عاصم عبدالماجد الأدلة المتشددة التى تحرم مشاهدة التليفزيون، وذلك دون نظر عقلى على ما استحدث من أمور، ويقول فرغلى: حينما كان يأتى إلينا مشايخ أعضاء مجلس شورى الجماعة فى زيارة خاطفة للسجون أو يعود الذين ذهبوا منا بعد أداء امتحانات الجامعة، يقولون لنا إن المشايخ الآخرين يقولون إن ذلك رأى خاص بالشيخ عاصم، وأما رأى باقى المجلس أن التلفاز مباح طالما سيلتزم الإنسان بضوابط الشرع الحنيف فى السماع والمشاهدة.
فى هذه القضية تجد رجلا يخاصم عقله كل جديد، ويشدد على وجوب طاعة الأمير، وتجد أعضاء مجلس شورى الجماعة يقولون إن هذا رأى خاص به، ويقودنا ذلك إلى ما يقوله الآن بشأن تهديداته لكل المعارضين، مما يطرح سؤالا، هل هو يتحدث دون مراجعة من أمر تنظيمه وجماعته التى لا يفصل أحد بين ما يذكره وبينها؟ وهل من الصحيح أن الجماعة الإسلامية ودعت العنف بالفعل أم أنها تحن إليه وتترك أحد قيادتها الكبار لاستخدام لغته حتى يعرف الجميع أنهم بصدد العودة إليه فى يوم ما؟
عاصم عبدالماجد ليس حالة فردية، وإنما يعبر عن حالة جماعية تستخدمها جماعة الإخوان لبث الرعب فى الآخرين.