وقفت الثعالب المريضة، والقتلة العواجيز، والإرهابيون المتقاعدون على المنصة ليعلنوا نبذ العنف على طريقتهم الخاصة، وكما تربوا عليها، فجاءت كلماتهم تقطر عنفاً ودماً وإرهاباً وترويعاً، وظهروا كأنهم ليسوا مصريين بل غزاة قادمون من قلب القرن الـ16 أو الـ17 ليطلوا على الشعب المصرى من نافذة الحقد والكراهية، والتهديد بالقتل والسحق، وبوجوه تكسوها ملامح الغضب والنفور والغلظة، وشفاه لا تنطق إلا بالوعيد والويل والثبور وعظائم الأمور. من فوق المنصة أطلق الذين أهدروا دم الأبرياء من رجال الشرطة، وفئات الشعب المصرى، وقتلوا رئيسها، ورئيس برلمانها، صيحات الغضب ضد كل من سيخرج فى 30 يونيو ضد مرسى، وأعلن كبيرهم الذى لم يعتذر عن قتل أفراد الشرطة فى أسيوط عام 81 البيعة للرئيس الإخوانى، وقبلها أعاد التذكير بمقولة الرعب الشهيرة للوالى الأموى الحجاج بن يوسف الثقفى لتهديد المعارضة والمشاركين فى 30 يونيو بأنه «يرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها»، ثم انبرى الأخ طارق الزمر، أحد المتهمين فى قتل السادات، وصاح وجأر بأعلى الصوت، متوعدا الشعب المصرى فى 30 يونيو بـ«إنكم ستُسحقون، وبالضربة القاضية»، ثم جاء الأخ تاجر السلاح ليهدد بأن «من سيرش مرسى بالماء سأرشه بالدم». الصراخ، والتشنج، والتهديد بالعنف والقتل وبحور الدم، والسيارات المفخخة فى حالة سقوط مرسى، كانت لغة خطاب كل النابذين للعنف، الملائكة الأبرياء، المسالمين، الذين تربوا فى أحضان العنف فتشبعوا منه، وفشلوا فى التخلص من تاريخهم الملوث بالدم، وسقطت كل أقنعتهم ومسوخهم التى حاولوا ارتداءها لخداع الشعب بعد ثورة يناير، فالطبع قد غلب التطبع، فمن شب على شىء كبر وتربى وترعرع وشاب عليه.
هذه كانت تفاصيل مليونية «نبذ العنف» التى تحولت إلى مليونية الوعيد، والتهديد بالدم، والقتل، والسحق، والتفجيرات، وأظهرت تجار الدين أمام الشعب على غير ما كانوا يتوهمون، وساهموا فى استفزاز الجماهير الغاضبة التى خرجت لترد عليهم فى محافظات مصر لتحريرها من الاحتلال الإخوانى فى بروفة صادمة قبل 30 يونيو.
الإرهاب بالدم والقتل، وبالفتاوى الجاهلة لن يخيف المصريين من الخروج لاستكمال ثورتهم، ولإزاحة الكابوس الرابض فوق صدورهم، واستعادة مصر الحقيقية من أيدى التطرف والإرهاب والأهل والعشيرة.