يجب قبل مقاومة الاستبداد تهيئة ماذا يُستبدل بالاستبداد، فمعرفة الغاية شرطٌ طبيعى للإقدام على كل عمل، كما أن معرفة الغاية لا تفيد شيئا إذا جهل الطريق الموصل إليها، والمعرفة الإجمالية فى هذا الباب لا تكفى مطلقا، بل لابد من تعيين المطلب والخطة تعيينا واضحا موافقا لرأى الكل، أو الأكثرية التى هى فوق الثلاثة أرباع عددا أو قوة بأس وإلا فلا يتم الأمر، حيث إذا كانت الغاية مبهمة نوعا، يكون الإقدام ناقصا نوعا، وإذا كانت مجهولة بالكلية عند قسم من الناس أو مخالفة لرأيهم، فهؤلاء ينضمون إلى المستبد، فتكون فتنة شعواء، وإذا كانوا يبلغون مقدار الثلث فقط، تكون حينئذ الغلبة فى جانب المستبد.
هذا ما كتبه الرائع عبدالرحمن الكواكبى منذ قرن مضى حول مقاومة الاستبداد وإسقاط أنظمته، وينطبق كلامه على واقعنا الحالى بامتياز، فملايين المصريين الذين ينتظرون يوم 30 يونيو وما بعده كأمل للتغيير واستعادة الثورة يسألون السؤال ماذا بعد؟ لا يقدم الناس على مجهول ويفضلون التعايش والتأقلم مع الواقع خوفا مما قد يأتى، لذلك فإن كتلة الغضب التى ستتحرك لتشكل الكتلة النوعية الحرجة لن تستطيع النجاح إلا إذا ساندتها كتلة كمية لم تنزل الشارع ولكنها تدعم حركته وترفع نفس مطالبه.
حركة الشارع الآن ذاتية وغالبية الغاضبين كافرون بالحكم والمعارضة معا، لذا فمطلب رحيل الرئيس يصاحبه مطلب تقاعد الرموز البائسة من عواجيز السياسة الذين لا يمكن إعفاؤهم من المسؤولية من حالة التردى التى وصلنا إليها، الشارع لا ينصاع لأحد وهو لن يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، بل سيطالب بإسقاط النظام والبدء من جديد بشروط وضوابط حاكمة جديدة للعبة السياسية.
إذا ما عدنا إلى نقطة الصفر تحت أى ظروف تقررها الإرادة الشعبية التى ستختبر يوم 30 يونيو، وعادت المؤسسة العسكرية إلى المشهد السياسى فمن العبث تصور أنها ستؤسس مجلسا رئاسيا مدنيا أو تقوم بتسليم الحكم إلى أى جهة، لأنها لا تثق فى أحد من كل هؤلاء كما أن عموم المصريين يثقون فيها وحدها، وإذا قامت بتفويض أى جهة أخرى قد لا تلقى نفس الدعم الذى تحتاج إليه لتثبيت الأوضاع، لذلك السؤال الذى يطرح نفسه بشدة كيف سيتم التعامل مع المؤسسة العسكرية إذا وصلنا لفترة لمرحلة انتقالية جديدة بعد مرحلة سابقة ساءت فيها علاقة الثوار بالمؤسسة العسكرية بسبب أخطاء متعددة جعلت الطرفين فى حالة خصومة شديدة، قبل ذلك لا بد من إدراك أن بدء مرحلة انتقالية جديدة يعنى أن هناك خصومة حادة، وقد تكون دامية مع أنصار تيار الإسلام السياسى، وهذا سيحتاج لمصالحة وطنية تنهى الانقسام، ثم وضع محددات إدارة الفترة الانتقالية الجديدة التى يجب أن تتفادى أخطاء الماضى. نحتاج إلى وضع خارطة طريق بجدول زمنى قصير لإدارة فترة الانتقالية تحتوى على وضع دستور أولا، ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى نفس الوقت لخفض التكاليف على اقتصادنا المنهك وإنهاء هذ الجدول خلال سنة واحدة حتى لا تطول الفترة الانتقالية، وعلى القوى الثورية أن تختار مرشحا رئاسيا من جيل الوسط بعيدا عن كل مرشحى الانتخابات الرئاسية السابقين، وتتكتل خلفه من الآن ضمن فريق رئاسى حقيقى يتم الإعلان عن أسمائه للناس مبكرا، ويقوم بعرض رؤيته وتصوراته للجماهير عبر كل وسائل الاتصال الممكنة.
تكرار نفس الأفعال بنفس الطريقة وانتظار نتائج مختلفة يعتبر جنونا وانفصالا عن الواقع، لذا فترشيد الحراك الحالى وتوجيهه فى الاتجاه الصحيح قد يعوض ما فات وينقلنا إلى مستقبل تتمناه مصر، فهل يفعلها الثوار؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ZAKEER
ألا تعرف الاجابة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله العثامنه
أدبيات الصراع،،،في صندوق الأقتراع
عدد الردود 0
بواسطة:
نور محمد
لا يوجد خطه بديله
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed salama
السقوط الاخير
عدد الردود 0
بواسطة:
rehab
يا شيخ اتلهي
ونقطنا بسكاتك
عدد الردود 0
بواسطة:
د./ نايل السعيد
يا فاشل يا فاشل يا فاشل.
عدد الردود 0
بواسطة:
د/ رضوان
حلو اللسان ........ قليل الإحسان
عدد الردود 0
بواسطة:
عارف
اذا كان للرئيس اخطاء سياسيه بسبب ارتباك المشهد فاللمعارضه جرائم جنائيه وسياسيه كبرى
عدد الردود 0
بواسطة:
moemen.mohamed
اولاد جاحدين
عدد الردود 0
بواسطة:
د. رضا الششتاوي
حاولت أفهم مقالك - لللأسف سمك لبن تمر هندي-انت لاتدرك معني اسقاط الشرعيه !!