سيدى.. من يحاول أن يدس فى يقينك أن الملايين التى خرجت الجمعة الماضية فى ميادين محافظات مصر المختلفة تنادى بإسقاط مرسى ونظامه، بأنهم فلول ومن أنصار النظام السابق، أطرح عليهم سؤالا واحدا: وهل لو كل هذه الملايين كانت أعضاء بالحزب الوطنى كان يمكن لنظام السابق أن يسقط وتم حرق مقره ورمزه القوى على كورنيش النيل دون أن يظهر واحد منهم ليطفئ النار ولو «بشفشق» واحد ممتلئ «ميه»؟.
يا سيدى.. الإخوان وأتباعهم أصيبوا بصدمة كبيرة أفقدتهم ما تبقى من اتزان وطرحتهم أرضا عندما وجدوا حشودا لم تشهدها مصر من قبل وهى بروفة قبل 30 يونيو، فما البال عندما يكتمل العرس اليوم الأحد؟.
يا سيدى.. الملايين التى خرجت فى حشود انطلقت من بين الحقول والزراعات اليابسة عطشا، ومن بين طوابير الذل والمهانة للحصول على سولار وبنزين، ومن بين جدران الظلام لانقطاع التيار الكهربائى، ومن خلف ستائر الرعب والهلع من حجم البلطجة فى الشارع.
يا سيدى.. الإخوان بدأوا خطة سحب رصيد الكذب والخداع من مخزونهم الاستراتيجى لبث الفرقة بين صفوف الشعب، من خلال توظيف مصطلحات من عينة أن المتظاهرين فلول، ومن النظام القديم، وذلك لخدمة أهدافهم، فقد استشعرت الجماعة العُرىَ، وانقشاع ستائر الوهم الذى صَدروه عبر أبواقهم ومنابرهم بأنهم القوة الحقيقية فى الشارع، وتبين أنهم وهم وسراب أمام السيل الجارف للشعب الغاضب.
يا سيدى.. إذا كان ميدان التحرير هو عريس ثورة 25 يناير، فإن المصريين زينوا وجملوا معظم ميادين مصر، فى بروفة ارتداء بذلة العرس، انتظارا لحفل الزفاف الجماعى لميادين مصر بثورة 30 يونيو، فى أول مشهد ثورى عام وشامل فى تاريخ مصر، خرجت بعد تراكم «الخنق والحنق» وحالة الغضب فى صدور المصريين، الناجمة عن تفاقم المشاكل نتيجة الفشل المريع للنظام السياسى.
يا سيدى.. نظام الحكم دشن فى عام واحد خطابا استعلائيا وترويعيا واستعدائيا لمعظم فئات الشعب المصرى بشكل عام، والمؤسسات الرئيسية فى الدولة المصرية وهى القوات المسلحة والشرطة والسلطة القضائية، والمثقفين والإعلاميين، بشكل خاص، وبدأ فى استخراج المشروعات المعلبة بخزائن الجماعة منذ بداية تأسيسها لتطبيقها على الأرض فى إطار تحقيق مشروعهم الإسلامى، كانت بمثابة قنابل وألغام زرعتها فى طريق استقرارها واستمرارها على مقاعد الحكم.
يا سيدى.. جماعة الإخوان تقدم مصالح تنظيمها على مصلحة الوطن، وتقدم فكرها وعقيدتها، فوق مصلحة الدين، فسارعوا بالسير نحو التمكين والاستحواذ، وطبقوا الإقصاء والتخوين بطريقة تقشعر لها الأبدان تقززا وقرفا، من هذه الأفعال.
يا سيدى.. جماعة الإخوان ورئيسها مرسى مارست وطبقت طقس الأقوال لا الأفعال، وارتفاع شاهق فى سقف الطموح، مع اضمحلال شديد فى القدرات والموهبة لحل المشاكل، والاستعانة بالأفكار المعلبة دون النظر لمتطلبات العصر، ومخاطبة عقول عصور التكنولوجى بمنطق خطاب عصور الظلام.
ياسيدى.. لا تصدق أن هناك فلولا.. أو نظاما قد مات يمكن أن يعود للحياة من جديد مهما تم وضعه على أجهزة التنفس الصناعى.. نظام مبارك مات ولا يمكن للموتى أن يعودوا للحياة، هذه طبيعة الأمور وسنن الحياة.