خالد صلاح
خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": هوامش على دفتر العداء لحماس وحزب الله
الأربعاء، 05 يونيو 2013 09:01 ص
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من يعمل على تغيير صورة حزب الله من حركة مقاومة إلى جماعة مذهبية؟.. ومن يضرب حماس
فى العمق ليحولها من حركة ضد إسرائيل إلى خصم للمصالح المصرية؟
كان اعتقادى الشخصى دائما أن المقاومة الحقيقية لإسرائيل هى فى إعادة تأسيس دول العالم العربى على قواعد العلم والقانون، فلا يمكن أن نتحدث عن مقاومة حقيقية نكسر بها شوكة تل أبيب فى المنطقة، بينما تعانى هذه الأمة من الفقر والجهل والمرض وغياب الديمقراطية، وابتذال قيم العلم والعدل والمدنية، ووفق هذا الاعتقاد الشخصى، كنت أرى أحيانا أن عمليات المقاومة العسكرية التكتيكية التى تقوم بها حركات مثل حزب الله، أو حركة حماس، تحقق أهدافا (عاطفية) أكثر مما تحقق غايات (استراتيجية) لهذه الأمة، فنحن نفرح بأن يظهر كبرياء هذه الأمة وإصرارها على المقاومة، لكننا لا نتحمل الثمن السياسى والاستراتيجى الذى يصب غالباً لمصلحة إسرائيل فى النهاية (للأسف).
ورغم هذا الاعتقاد كنت، ولا أزال، أحترم حركات المقاومة العربية رغم هذا الخلاف فى الأفكار، وكنت ولا أزال أعتبر أن حركتى حماس وحزب الله تعبران عن ضمير جمعى عربى إسلامى، يرغب فى الخلاص من الاحتلال والعربدة الإسرائيلية، وكنت ولا أزال أظن، برغم الأخطاء التى ترتبكها الحركتان أحياناً، أنهما يضمان نخبة من الشباب العربى الذى يؤكد على روح الفداء، وبذل الدم، وحب الشهادة، والتضحية فى سبيل كرامة هذا الوطن.. أقول هذا وأنا أختلف فكرياً مع الحركتين، جملة وتفصيلا، والسبب الذى يدفعنى إلى ذلك الآن، أننى ألاحظ تحولاً درامياً مذهلاً ومخيفاً فى مواقف الرأى العام فى بلدان الربيع العربى خاصة فى مصر وتونس، تجاه كل من حزب الله وحماس.
فبين عشية وضحاها تحول حزب الله فى عيون قطاعات شعبية، من حزب (مقاوم وفدائى)، إلى (حزب مذهبى شيعى خارج عن الملة)، هكذا يراه الآن السلفيون فى مصر وتونس، وهكذا تخرج شعارات تكفير الشيعة لتنهال على حزب الله أولاً وإيران ثانياً، وبدلاً من مشاعر التقدير لروح المقاومة التى ساندت حزب الله فى حرب تموز الشهيرة، صرنا نسمع كلاماً عن المذهبية والعمل لمصالح خارجية ومساندة الديكتاتور السورى، والمدهش أن من يطرح هذا الكلام الآن هم أنفسهم من كانوا يدعمون حزب الله بالأمس، ويعتبرونه رمزاً للضمير العربى، ويعتبرون شباب هذا الحزب أيقونة فى النضال، والدفاع عن الكرامة العربية.
والحال نفسه فى ملف حركة حماس، فبعد أن كان المصريون يتلون اسم حماس فى صلواتهم الفردية والجماعية، وبعد أن كان الدعاء لحماس وحركات المقاومة الفلسطينية هو طقس دائم على منابر الجمعة، ظهر من يحول حماس إلى عدو أشد خطراً من إسرائيل، وظهر أيضاً من يجعل من حركات المقاومة الفلسطينية أدوات حرب ضد مصر والمصريين، خاصة بعد فوز الإخوان المسلمين بمفاتيح السلطة التنفيذية والتشريعية فى مصر.
من فعل بالناس ذلك؟ ومن يحرص على تبديل مشاعر التعاطف مع حركات المقاومة إلى مشاعر مذهبية وطائفية وعدائية إلى هذه الدرجة؟
من جعل حماس عدوا لمصر (عمداً)، بعد أن كانت هى رأس الحربة فى العداء لإسرائيل؟
ومن جعل حزب الله عدوا للربيع العربى (عمداً)، بعد أن كان كلمة للرعب لطغيان الجيش الإسرائيلى؟
ومن ذا الذى يحاول تبديل المفاهيم العربية الشعبية.. أو من ذا الذى يعمل ليلاً ونهاراً على تبديل هذه المفاهيم؟
هل يبدو لك هذا الأمر طبيعياً؟
أقول ذلك رغم اختلافى الفكرى مع هذه الحركات، ورغم أننى تمنيت كثيراً أن تفكر هذه الحركات برؤية شاملة، ولا تتورط فى معارك صغيرة باهظة الثمن، لكن لا يمكننى أن أختلف معهم عاطفياً أو ضميرياً، كما لا يمكننى أن أتجاهل هذه الدعايات الخطرة ضد حركات المقاومة العربية، والخلاف الفكرى هنا لا يعنى أن نتساهل مع (ماكينة الدعاية السوداء) التى تضرب كل ما هو مقاوم فى البلدان المحتلة، فنحن نحتاج للمسارين معاً، المقاومين والإصلاحيين والدبلوماسيين والعسكريين وفق رؤية عربية موحدة، أما ما يجرى الآن فهو خطر، وخطر جداً، وينذر بصراعات أعقد فى المنطقة، صراعات لن تكون إسرائيل طرفا فيها، بل سنكون نحن أطرافها وضحاياها، فيما تقف إسرائيل لتسخر منا، وتلقى النكات على حروبنا الأهلية والمذهبية.
مرة ثانية أقول: هل يبدو هذا الأمر طبيعياً؟
طبعاً لأ!!
موضوعات متعلقة:
خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": الخطوة الأولى لحل الصراع المائى أو أى صراع آخر
خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": الكل باطل
خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة" : ماذا فعلنا عند بناء السد العالى؟
مشاركة