الثقافة والإبداع من الأمور التى تستعصى على إدراك قيادات جماعة الإخوان، فهم يتصورون الإبداع نوع من الإنشاء والكذب الموجه، كما يعتقدون أن الثقافة مجرد آلة للدعاية الممجوجة وفق نمط جوبلز وزير الثقافة الشهير فى حكم هتلر، أى ماكينة لغسل الأدمغة وتخريج أجيال تناسب قطيع السمع والطاعة. تصورات الإخوان البالية عن السيطرة بواسطة المؤسسات الثقافية لم تعد تجدى فى زمننا الحالى، والدليل على ذلك تجربة تعيين المغمور علاء عبدالعزيز وزيرا للثقافة، أو وضع صحفى غير مثقف على رأس جريدة متخصصة مثل «أخبار الأدب»، التى تعتبر تجربة فريدة ومتميزة فى الصحافة الثقافية العربية.
«أخبار الأدب»، كانت قبل اغتيالها فى عهد الإخوان منبراً مؤثراً جداً مصرياً وعربياً، سواء فى عهد الغيطانى أو الروينى، بل إننى لا أبالغ لو قلت إن كثيرين من أصدقائى وزملائى الكتاب العرب لم يكونوا يعرفون من الصحف المصرية سواها، وعندما كان اسم «الأخبار» يذكر، كانت الكلمات تنصب على أخبار الأدب وليس على الصحيفة العريقة التى أسسها الأخوين على ومصطفى أمين. الآن وبعد اغتيالها، وترويع مجلس تحريرها من الزملاء الموهوبين، اختفت أخبار الأدب ولم نعد نسمع عنها أو عن تأثيرها إلا الفضائح مثل نشر صورة القيادى الإخوانى خيرت الشاطر على غلافها فى نوع من النفاق الرخيص لرئيس تحريرها، أو نشرها للثرثرات الفارغة والأعمال الرديئة، بعد أن كانت قبلة الكتاب والشعراء والفنانين. «أخبار الأدب» كنموذج على علاقة الإخوان بالثقافة يمكن القياس عليه، بعد وضع المدعو علاء عبدالعزيز على رأس الوزارة، وسعيه إلى تفريغ أجهزة الوزارة من القيادات وتعطيل النشاط، بدعوى التطهير وإعادة الاعتبار لثقافة الثورة، حتى اضطر المثقفون للثورة عليه والاعتصام بمقر الوزارة، فما كان من الوزير إلا اللجوء للجماعات الإسلامية وأعضاء الإخوان فى صلاة الجمعة الماضى، وطلب منهم فض اعتصام المثقفين بمقر الوزارة بالقوة. الوزير الذى يطالب بطرد المثقفين المعتصمين فى مكتبه تارة، أو يتندر عليهم تارة أخرى بقوله: «خليهم قاعدين»، يستخف بالمثقفين والمبدعين الذين قامت على أكتافهم الوزارة، كما يبدو مستخفا بفكرة الإبداع نفسه، كما ظهر واضحا فى موقفه من الباليه، والخلاصة أننا أمام وزير تخريب الثقافة المصرية، ولا أعتقد أن مثله سيطول به المقام فى منصبه.