لو كان هناك عدو لجماعة الإخوان والدكتور مرسى ما استطاع أن ينصحها بأكثر مما تفعل مع نفسها وغيرها.. كتبت هذا قبل شهر، ومازال الأمر لغزاً، الجماعة كانت عدوة لنفسها، أو أنها كانت تمارس نوعا من الانتحار، فهل كان هذا مقصودا لتدمير الجماعة، أم أنه نتاج شيخوخة العمر والعقل لقيادات التنظيم، ورفض الاعتراف بالواقع؟
وأياً كان الخلاف والاتفاق، فإن المراقبين يحتفظون بالدهشة من الكيفية التى تحولت بها الجماعة إلى هذه الصورة التى ترفضها الأغلبية، خلال أقل من عامين ونصف العام، منها عام فى الرئاسة، وكيف ضربوا مثلاً فى الفشل، وأكثر خصوم الجماعة لم يكن يتصور أنهم بهذا القدر من الفشل.
خلال عام واحد فى الرئاسة كانت الجماعة تطيح بحلفائها، وتبتعد عن مؤيديها، وتراكم العداء والصدام مع القوى السياسية.. تصادموا مع الداخل بتنويعاته السياسية والمؤسسية، ومزقوا العلاقات مع دول عربية وأفريقية، كل هذا فى وقت واحد، ولو كان العدو هو من يريد الإضرار بها ما فعل أكثر مما فعلوه، وحتى فى أحلك الفترات والأزمات كانوا يتمسكون بخطاب خشبى، تهديدى، خال من المعلومات.
الجماعة تعادى نفسها، وتمزق محيطها داخلياً وخارجياً، ولا يبدو أنها قرأت تجارب الآخرين، بل إنها تعزل نفسها عما يدور، وتصنع لنفسها تصورات تفرضها على أعضائها، وتفرض عليهم كتبا ونظريات بدائية، تمت صياغتها فى العزلة، ولم يختبروا نجاحها، ولا استوعبوا دروس تحولات السلطة فى العالم، وتطوراتها، ولا حتى دروس الأنظمة القريبة. وما جرى للجماعة خلال عامين ونصف العام، وانتهاؤها فى معسكر العداء للشعب، ورفض الشعب لها، احتاجت أنظمة وأحزاب أخرى عقودا طويلة لتصل إليه، ومازالوا يبحثون عن مبررات ويتمسكون بخطاب خشبى تهديدى يعرفون بالتجربة أنه نفر منهم الشعب، وحتى لو عادوا للصورة، فعليهم أن يعرفوا كيف صنعوا كل هؤلاء الأعداء فى وقت قصير.
هل يمكن لقيادات الجماعة استيعاب أنهم كانوا يسيرون فى طريق خاطئ؟، وهل تسمح لهم أوقات الفراغ أن يعيدوا النظر فى تجربتهم؟.. الواقع يقول إن خبراتهم كلها نشأت فى عزلة، ولم تنضج، فضلاً على أنها نظريات معزولة عن الواقع صاغتها أجيال قديمة، لم تطورها، وتصورت أن النجاحات التكتيكية تكفى، والنتيجة أنه بعد أقل من عام كانت الخيوط كلها ممزقة ومقطعة، والجماعة تحاصر الرئيس، وهو عاجز عن التصرف بعد أن قطع علاقاته مع حلفاء، وأضاف إلى الخصوم خصوماً، وعجز عن تفهم تغيرات الوعى والشارع، وبدأ يتبنى رأى الجماعة، ويعتبر كل من يعارض عميلا أو ثورة مضادة.
حالة إنكار كبرى تغذيها تقارير الجماعة، وتسجل تأييداً مضاعفاً، وتنكر الكراهية والرفض، وتبرره بأنه نظام سابق أو فلول أو عملاء، بينما كانت الجماعة تفقد أرضها، وترفض الاعتراف، وتكتفى بأرقامها وتقاريرها فقط، وتفرضها على الدكتور مرسى الذى تجاهل أن «المركب اللى فيها ريسين تغرق»، كانت مركب الدولة بأكثر من رأس.. الجماعة، ومكتب الإرشاد، والمرشد، والشاطر، وعشرات القيادات، عاجزة عن قراءة الواقع، أو أنهم يبحثون عن طريق للانتحار.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
سلمت يداك
عدد الردود 0
بواسطة:
Thecitizin
That is true
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
انها عبقرية شعب