الـ«فيس بوك».. ذلك الجنىّ الرهيب القادم من الأساطير التى خلقتها حضارة عالمية وصلت فيها التكنولوجيا إلى حد التوحش، ذلك الجنى الذى يبلغ حجم جسده حجم الكرة الأرضية، ويضع تحت جناحيه البشر من كل الأديان والملل والأعراق والعقائد، ويأتيك بالخبر اليقين صوتا وصورة قبل أن يرتد إليك طرفك، وينقل لك الشائعة عن أى رئيس أو ملك أو صعلوك، أو ناسك متعبد فى معبد بوذى، أو مختل عقليا يطمح للسيطرة على رقاب العباد يصدر فتوى بقتل كل من يناقشه فى عقيدته، أو طفل يرقص فى أحراش مدغشقر، ولكن مصر سوف تبقى رائدة فى التأثر والتأثير فى «فيس بوك»، حيث تعتبر مصر هى الأولى فى الشرق الأوسط استخداماً لـ«الفيس بوك»، حيث يضم موقعها ما يقرب من 17 مليون مشترك وفقاً لإحصائيات مايو 2013. وفى 6 إبريل 2008 دعت مجموعة من شباب مصر إلى التظاهر والإضراب فى صفحة أنشأتها على موقع «فيس بوك»، حيث انضم إلى هذه الصفحة الوليدة أكثر من 71 ألف شاب، وقد تم حجب الصفحة فى 26 يناير 2011 بعد دعوة الشباب إلى ثورة ضد الحزب الوطنى «الساقط المنحل بعد ذلك»، مما سبب اضطرابا للسلطات والحكومة المصرية، فى نفس الوقت الذى باركت فيه السلطة الحاكمة الصفحات الجنسية التى كانت تضع عناوين وأسماء لمجموعات الـ«فيس بوك» مثل «طخ طوخ.. البت جامد صاروخ»، تضع كليبات جنسية، وتنشر فضائح جنسية لبعض المشاهير إلى أن يصل بنا الأمر إلى ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 المجيدة، وذلك عن طريق صفحة «كلنا خالد سعيد» التى أنشأها بعض الناشطين السياسيين، حيث قطعت سلطات أمن الذليل المخلوع اتصال الإنترنت منذ يوم 27 يناير 2011 ولمدة أسبوع كامل، مما كبد الاقتصاد المصرى خسائر مالية بقيمة 9 مليارات جنيه، لكن ثورة 25 يناير التى ولد جنينها على صفحات الـ«فيس بوك» بواسطة شباب افتراضيين اشتد عودها منذ يوم 28 يناير «جمعة الغضب»، لتطيح بسلطة حاكمة كانت عارا على الوطن، وقدمت مئات الشهداء الأطهار «الحقيقيين» هذه المرة، وليس «الافتراضيين»، لتتحول من ثورة افتراضية إلى ثورة حقيقية واقعة، تستكمل موجاتها حتى تصل إلى موجتها الثانية فى 30-6-2013، حيث بدأت هذه الموجة بدورها افتراضية على صفحات الـ«فيس بوك» على يد شباب «حركة تمرد» التى انضم إليها الجيش الذى أعلن أنه ينضم للشعب لتحقيق إرادته، حيث يبقى الإنجاز الحقيقى للموجة الثانية لثورة 25 يناير فى «30 - 6» هو التخلص من حكم الإخوان، وما بين الموجة الأولى لثورة يناير فى يوم 25-1-2011، والموجة الثانية لثورة يناير فى 30-6-2013 بدا واضحاً تأثير الثورة فى تطور الـ«فيس بوك» نفسه.. نعم، تأثر الـ«فيس بوك» تأثراً بالغاً بثورة 25 يناير، فى محاولة منه لملاحقة التطور فى استخدام شباب الـ«فيس بوك» فى مصر للـ«فيس بوك»، وليس هذا من قبيل التهويل والتفاخر بشباب الـ«فيس بوك» فى مصر، بل هى توصيف حقيقى للتطور الذى حدث فى نظام تشغيل الـ«فيس بوك» نفسه بعد ثورة 25 يناير، وتحديداً بعد ثلاثة أشهر فقط من بداية الثورة، ففى إبريل 2011 أعلنت شركة الـ«فيس بوك» عن إدخال خدمة «الفيديو كول» بين مستخدميها بالتعاون مع شركة «سكايب» الشهيرة لمحادثات الدردشة، حيث يستفيد مستخدمو الـ«فيس بوك» فى العالم كله من الاتصال بالصوت والصورة، وفى سبتمبر 2011 أعلن «مارك زوكربيرج» مؤسس ومالك «فيس بوك» عن خاصية جديدة وهى «timeline profile» والتى توفر شكلا جديدا لتسجيل الترتيب الزمنى، واللحظات التى مر بها المستخدم فى حياته من صور وفيديوهات، كما تم طرح تطبيق مجانى لأجهزة «iPhone» و«iPod» و«Touch» أطلق عليه اسم Facebook for» iPhone»، والذى ساهم كثيراً فى نقل صور المذابح فى الميادين، ورمى الأطفال من فوق الأسطح، والتى ساهمت كثيرا فى نقل حقيقة القتلة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة