مضى أسبوعان على ما حدث يوم 30 يونيو، ومازال المجلس القومى لحقوق الإنسان على حاله، مازال فيه عبدالله الأشعل أمينا عاما، يأمر ويفصل ويعاقب موظفين، أما قصة حقوق الإنسان فليس له علاقة بها، ولم يفعل لها شيئا، وإنما كان ضمن كتيبة من الإخوان والأهل والعشيرة دخلت لقيادة هذا الكيان، فأجرت له عملية إخصاء، وعلينا أن نتخيل هذا المجلس فى وجود قيمة عظيمة مثل محمد فايق الذى قاده بعد ثورة 25 يناير، ثم تدهور به الحال بفضل جماعة الإخوان التى اختارت عبدالله الأشعل ضمن مجلس أمنائه، ثم منحته الجماعة ترقية استثنائية كان مشتاقا إليها فأصبح أمينا عاما للمجلس يتقاضى راتبا كبيرا، يمكن اعتباره مكافأة لمساره الحميد فى طاعة الإخوان والإنصات لهم.
طرح عبدالله الأشعل نفسه مرشحا لرئاسة الجمهورية بعد ثورة 25 يناير، ولا تعرف من أين جاءت له هذه الفكرة ومن أوحى له بها، عقد مؤتمرًا واحدًا فى مدينة طوخ محافظة القليوبية حضره نحو 50 فردا، وظل لشهور يقدم نفسه للصحف ووسائل الإعلام على أنه «المرشح الرئاسى»، حتى انتهى به الحال للانسحاب من المشهد، معلنا تأييده لمحمد مرسى، ثم حصل على المكافأة بتعيينه فى المجلس القومى لحقوق الإنسان فى أول تشكيل له بعد فوز مرسى بالرئاسة.
بعد إعلان مرسى الاستبدادى، تقدم أعضاء المجلس المعارضون لمرسى باستقالاتهم، احتجاجًا على هذا الإعلان، وبقى الأشعل، وبعد أن تم تعيين أعضاء جدد ليشغلوا مواقع المستقيلين، تحول المجلس إلى عزبة ملاكى لجماعة الإخوان وإخوانهم من الأهل والعشيرة، كان يتم تقزيمه ليصبح على مقاس محمد البلتاجى وصفوت حجازى وأسامة رشدى وعبدالمنعم عبدالمقصود وأيمن نور، ويقوم عبدالله الأشعل بدور الراعى الرسمى لهذا التقزيم، وكان من مظاهر هذا التقزيم تخلف المجلس عن مواكبة قضايا كثيرة تعد من صلب اهتماماته، وجرى عملية إخصاء شاملة لكل جهود العاملين فى المجلس طالما لا تسير على موجة الإخوان وحكم الأهل والعشيرة، ومن يرد أن يعرف إلى أى مدى تحول المجلس إلى أداة إخوانية بفضل تعيينات مرسى فيه، فعليه أن يراجع ماحدث فى عملية الاستفتاء على الدستور، حيث كان المجلس هو الجهة التى تعطى تصاريح المراقبة على اللجان، وحصل مركز سواسية الإخوانى وحده على آلاف التصاريح، وكان ذلك بتسهيلات عبدالمنعم عبد المقصود.
تقدم المستشار حسام الغريانى باستقالته من رئاسة المجلس فور عزل مرسى، انتبه الرجل إلى أن الوقت لم يعد وقته، فاختار الانسحاب بالاستقالة، لكن الأشعل بقى فى منصبه، تطورت الأمور إلى احتجاجات بين العاملين فى المجلس، فقام هو بفصل البعض وإغلاق المجلس، وطبقا للبلاغ الذى تقدموا به، قالوا إن الأشعل استأجر بلطجية لمنع الموظفين من الدخول إلى المجلس وحدثت اشتباكات أدت إلى وقوع إصابات، وحتى يتم التحقق من هذا الأمر، ومعرفة من يتحمل مسؤولية هذه الاشتباكات، على الأجهزة المعنية أن تتخذ موقفا جذريا لإصلاح هذا المجلس، حتى تصل الثورة بالفعل إليه، والمؤكد أن الخطوة الأولى فى ذلك هى خروج عبدالله الأشعل من موقعه كأمين عام، لأنه لم يحصل عليه بمعيار الكفاءة، وإنما بمعيار الولاء، و«التأخون».