أحمد دومه

العدالة شرط المصالحة!

السبت، 20 يوليو 2013 11:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يحتاجُ الوطنُ كثيراً أن يتجاوز اعتلالات الماضى، ويتخلّصَ من شوائب الحاضرِ، ويُشفى من جراحاتٍ طالما آلمته وأوجعته، ويحتاج - ونحن معهُ - أن يعودَ واقفاً بشموخٍ ليواجه عواصف المتغيّرات الإقليميّة والدوليّة، ويلحق ما فاته فى سُباتِه الذى طال، يحتاجُ أن يُمزِّق صفحاته السوداء التى طالما أظلمت دروبه وعرقلت مسيره، وشتّتَتْ شمائله، فيعود وطناً يتّسع لمواطنيه - جميعهم - على اختلاف انتماءاتهم وتنوّع أفكارهم، يعود بيتاً لكلّ العائلة بغير استثناءٍ ولا إقصاء، لكنّه غيرَ قادرٍ على البدء فى لمّ الشملِ لجرحٍ مفتوحٍ، لم يزل ينزف فى قلبه اسمه «دماءُ الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمناً للحريّة والكرامة»!

صحيحٌ أنّ المصالحةُ الوطنيّة ضرورةٌ وفريضة، ليست فقط بين القوى السياسيّة والأطياف الفكريّة المختلفة والمتخاصمة فحسب، إنّما تمتدّ لتشمل كلّ المواطنين مع وطنهم بثقافته وموارده وتاريخه وتقاليده وكبريائه، لكنّ الأصحّ أن المُصالحةُ التى لا تبنى على عدالة، يُقتصّ فيها من القاتل وتُستعاد الحقوقُ من اللّصِّ، ويعوّضُ صاحبُ الضرر، تكونُ حالةً من حالات المهادنة والتفريط، مياعةُ تضيعُ الحقوق وتهدِرُ قيمة الإنسان، وتؤسّسُ للقتل منهجاً تتبعه «مصالحةٌ» لا تتجاوز غرف الاجتماع وصالات التصوير!

ربّما أسامحُ أنا فى حقّى، وأعفو عمّن اعتدى على وأضاع سنين طويلة من عمرى داخل السجون، أو ممّن عذّبنى مرّاتٍ ومرّات لأننى موجودٌ على قيد الحياةِ، وأنا وحدى الذى أمتلك قرار العفو من عدمه، لكن ماذا عن أحمد حرارة، ورضا عبد العزيز، وبدر البندارى، ومحمد دومة وغيرهم؟ وماذا عن الحسينى أبوضيف وخالد سعيد والجندى ورامى الشرقاوى، ومينا دانيال وكريستى وعصام عطا؟ من سيوكّل نفسه متحدّثاً باسمهم ويقرّر العفو عمّن قتلهم، رغم أنّه لا أحد على الإطلاقِ يمتلك هذا الحق؟ هل المصالحة التى يتحدّثون عنها ستعيدهم إلى الحياة؟ أو تعيد إلى أهلهم الروح ،بعدما سلبها منهم وحشة الفراق وقسوة الغياب؟ لا أظنُّ أن أحداً مِن هؤلاء الذين يتغنّون بالمصالحةِ ليل نهارٍ يقدر على تحمّل هذه المسئوليّة مهماً كان!

ببساطةٍ شديدة أمام هذا الوطن خيارانِ - لا أظنُّ أن لهما ثالثا - يمكن بهما تجاوز المرحلة:
الأوّل: أن نعلن عن بدء جلسات المصالحة التى يتم فيها الإفراج عن مرسى وقيادات الإخوان، مقابل فضّ اعتصاماتهم، وإسكاتهم بمجموعة من الحقائب الوزاريّة أو إدخالهم فى الحياة السياسيّة بأى شكلٍ يمثّل لهم «خروجاً آمناً»، وللسلطة «راحة بال»، وهذا الخيار يعنى أننا نبنى الوطن فوق فوّهة بركانٍ، ستنفجر فى الجميع بغير اعتبارٍ لأىّ شىء - حتى الثورة - سيقرّر فيها أهالى الشهداء والضحايا باختلافهم أن ينتقموا لأنفسهم، وساعتها سيحترق الوطن!

أمّا الخيار الثانى: أن نقتصّ من كلّ من أهدر دماً مصريّاً وشارك فى عنفٍ أو حرّض عليه، ونُعاقبُ كل من أجرم فى حقِّ الثورة والوطن، ونفرج عن بقيّة الثوّار الذين لم يخرجوا بعد من السجون، ونفتح الباب لكلّ القواعد الجماهيريّة - من غير المجرمين - فى كل التيارات للمشاركة فى بناء الوطن، ويسمح للجميع بالمشاركة فى الحياة العامة بغير منعٍ لحقٍّ، ولا منحٍ لتمييز، فيستريحُ الشهداءُ فى مجدهم، وتنطفىء نيران الغضب والحزن الكامنة فى صدور ذويهم، وتسكتُ نداءات نفوس المصابين والمعتقلين السابقين وضحايا التعذيب بالثأر والانتقام، وساعتها فقط يمكن أن تقوم للوطن قائمة، ونبدأ فى بنائه سويّاً.... وطناً لكلّ أبنائه، تقومُ أعمدته على حفظ حقوقهم، وصيانة كرامتهم!
«المجد للشهداء.... الحريّة للمعتقلين».








مشاركة

التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

منذر مجدى

افلاس

النفاق والكيل بمكيالين هما صفتان مستشريتان فى قلبك

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو سمره المصرى

هكذا يكون الأحرار

عدد الردود 0

بواسطة:

عدلى نخلة

شباب شريف...

عدد الردود 0

بواسطة:

alaa

العين الواحدة

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري مندهش

من نت

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة