قال المرشد الإيرانى على خامنئى قبل عدة أيام "إما أن تكون سوريا كما كانت أو لن تكون لأحد"، وقال الإخوانى صفوت حجازى "إن القتل فى سيناء سيتوقف فى اللحظة التى يعود فيها مرسى إلى الحكم"، وقال الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله "إن قتال الحزب فى سوريا دفاع عن مشروع المقاومة وجزء لا يتجزأ من مقاومة إسرائيل وأن قتلاهم فى سيبل الله وقتلى الآخرين فى سبيل الطاغوت"، وقال الكثير من شيوخ اعتصام رابعة العدوية لمؤيدهم "قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار" يقصدون بذلك معارضى الإخوان والجيش المصرى وكأن الإخوان وأعوانهم يحاربون الكفار فى غزوة أحد وليسوا فى خلاف سياسى على أمر دنيوى مع قطاع كبير من الشعب المصرى.
هكذا يتبارى الشيوخ فى توجيه وإرشاد الناس وحل المشاكل والقضايا ثم يدعون أنهم ينشرون دين الله بالحسنى وأنهم ضد القتل وإزهاق النفس وإرهاب الناس.
للأسف أصبحت شعوب دول الربيع العربى أسيرة هذه الأفكار وغدت أقوال الكثير من الشيوخ السوط والصوت الذى يصيب الوطن بالتشويش والضجيج والصراع المرير، فأصبح الوطن أسير حالة مرضية وتم إحباط أى مشروع وطنى يحيى الأمل فى قلوب المواطنين، وأصبح الانتماء إلى الأشخاص والجماعات وليس الأوطان. وغدا القتل فداء لهذا وذاك ثم ندعى أنه جهاد فى سيبل الله، وهذا فى الجنة وذاك فى النار وكأن هؤلاء الشيوخ يمتلكون مفاتيح الجنة والنار، واختفى شعار "على القدس ريحين شهداء بالملايين"، وأصبح على سوريا ريحين بدلاً من القدس خلال المرحلة السابقة، ثم أصبح على مصر ريحين فى المرحلة الحالية بعد أن تفلت الحلم من بين أيديهم بسوء إدارتهم وأفعالهم.
فقد رأينا قبل عدة أسابيع صفوت حجازى يعلن على قناة العربية أنهم سوف يرسلون 20 ألف جندى لسوريا للحرب ضد بشار الأسد وحزب الله، ولكن يبدو أن هذا الكلام كان أضغاث أحلام، فقد كان يظن حجازى عندما كانت جماعته تحكم البلاد أن الجيش المصرى سيكون وقود لتحقيق أحلامهم وإقامة دولة الخلافة التى يحلمون بها، دون أن يدرك أن الجيش المصرى مؤسسة وطنية تتمتع بقيم ومبادئ وأسس فقدتها كل المؤسسات والجماعات وفى مقدمتها جماعة الإخوان، فقد تحدثت هذه الجماعات وهؤلاء الشيوخ عن الجهاد وطالبوا بفتح الطريق لهم للوصول إلى سوريا وعندما فتح لهم الطريق اختفى المجاهدين - إلا من رحم ربي- ولم يبادر أحد بالجهاد فى سوريا أو القدس من أمثال الشيخ محمود شعبان الذى أعلن أنه ذاهب للدفاع عن المسلمين فى سوريا فإذا به فى ميدان رابعة وعندما وجد ميدان رابعة على غير هواه ذهب إلى ميدان النهضة، فهؤلاء الشيوخ ليسوا أكثر من ظاهرة صوتية تتلاعب بالفقراء وتحاول أن تجعل منهم وقود لتحقيق أحلامها بعدما وجدت أن الجيش المصرى عصى على أفكارهم وبعيدا عن الـتأثر بصيحاتهم وأدعاءاتهم.
للأسف فشلت هذه الجماعات فى مصر وسوريا وليبيا وتونس ولم يسأل أحد منهم عن أسباب الفشل الحقيقى بدلاً من إلقاء كل سقطاتهم على الأنظمة السابقة وتناسوا أن عمر بن عبد العزيز (خامس الخلفاء الراشدين) غير أحوال الناس من الفقر والفساد إلى السعة والرخاء والخير والحب والعطاء فى عدة أشهر.
إن فشل هذه الجماعات فى مصر ودول الربيع العربى جاء نتيجة سيطرة الأحزاب الأيديولوجية المقفلة ذات الاتجاه الواحد، والسطوة الشيفونية البغيضة على الشعب فبدأت التجربة كجبال الرمل، تهوى من تحت أقدام هذه الجماعات التى أغلقت الأبواب، فى وجهة المعارضين، وجلسوا خلف جدران معتمة، ويطفئون أنوار الفكر ولايسمعون سوى صدى صوتهم.
يجب أن يدرك هؤلاء أن أوروبا لو ظلت على عماها، لبقيت فى بحر الظلمات ولكنها استيقظت على صرخة الفيلسوف الفرنسى ابيلار الذى نادى بحوار الأديان ليخرج الإنسانية من أكفان الموت إلى بستان الحياة، بعد أن قرر كل منهم قبول الآخر وهذا ما فعلته ماليزيا وغيرها من الدول المتقدمة الآن.
إن هذه الجماعات تعمل على نقل التجربة السورية إلى الحياة المصرية عقابا للمصريين على انتفاضتهم ضد الإخوان وأعوانهم، فأصبحوا يتمنون الحرب الأهلية بل يقولون إذا لم تقع الحرب الأهلية الآن فمتى ستكون؟ ولماذا لا نكون مثل حزب الله؟ نملى إرادتنا على الجميع؟ لقد اكتشفت هذه الجماعات أن قراءتهم للشارع المصرى خاطئة وأن مصر عصية على الحرب الأهلية وأن المصريين يختلفون كثيرا عن الشعوب الأخرى. كما يجب أن يدرك هؤلاء أن أى فكرة أو عقيدة أو نهج لا يتجه نحو الوطن، ومصلحة الإنسان فإنها ذاهبة بأصحابها إلى الدمار ولا تتوافق مع هدى الإسلام.
فالإمبراطورية الرومانية سقطت عندما هامت فى الغيبيات، وسبحت فى بحر الشعارات البعيدة عن الواقع، أما الإمبراطورية العثمانية فسقطت عندما أغلقت النوافذ والأبواب فى وجه الحقائق وهدى الأديان واكتفت بالشعارات بدلاً من إقامة الشعائر فتآكلت وانتهت. فهل تتغير لغة هؤلاء الشيوخ لتنقذ الناس من نعوش التشاؤم ومذابح الفناء وتبدأ مرحلة جديدة من العمل والبناء، وتتوقف عن تطبيق التجارب المريرة وتفكر فى الاستعانة بتجربة صحية تحقق الخير للبشرية وليس تجربة تدخلنا فى قتال مفتوح كما هو حال الأشقاء فى سوريا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رامي
مقال مميز
مقال جيد وتحليل منطقى جدا تسلم ايدك
عدد الردود 0
بواسطة:
ثائر مصرى
خليهم مستمرين فى الكذب حتى يسحقهم الشعب سحقا فى الشوارع
عدد الردود 0
بواسطة:
عدلى عبد الباقى السيد
افشال التجارب الديموقراطيه
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال العربى
عزيزى كاتب المقال تطلب منهم تغيير منهجهم والركون إلى الإعتدال وتجديد الفكر للخلاص من قوى ا