طالما كانت هناك سياسة سيكون الكذب حاضرا والكتابة بكاميرا واحدة تظهر نصف الحقيقة، وسوف يقدم كل واحد نفسه على أنه ملاك بأجنحة والثانى شيطان بقرون. وبين هذا وذاك سوف يسقط الضحايا الأبرياء وسوف يبقى بعض الناس مخدوعين يصدقون الكذب، بينما الكذابون يعرفون أنهم يكذبون.
ندخل فى الموضوع مباشرة إلى مقتل ثلاث سيدات فى المنصورة بأيدى بلطجية. سيدات ينتمين للإخوان، ولا يحتاج المرء إلا أن يكون إنسانا ليدين القتل والبلطجة، وأيضا استخدام الأطفال والسيدات فى مقدمة مظاهرات لاستخدام الدم ضمن معركة سياسية. بل إنهم أصروا على أن من بين ضحاياهم فى الحرس الجمهورى نساء وأطفال ولم يثبتوا هذا، بل حاولوا سرقة جثث من المشرحة ليوظفوها للدعاية. ولا يمانعون أن يسقط عشرات الأطفال ليقولوا هذه هى الوحشية.
وربما يمكن الاعتراف بأن الطرف الآخر ليس ملاكا، وأن من جماعة الإخوان من يستخدم العنف ويحرض عليه، وكما اعترف شاب من الجماعة فقد كان الشباب يعترضون على سير المظاهرة بالقرب من مكان به بلطجية لكن القيادات أصرت، بما يشير إلى أنهم يتوقعون سقوط ضحايا، وأنهم ربما كانوا مستعدين لذلك. ويوظفونه، حدث فى الحرس الجمهورى وفى رمسيس وفى النهضة، هناك تعمد لإسالة الدم من أجل الصورة والضجة الإعلامية. والأهم أن الجماعة التى تستخدم الدم فى الدعاية، لا تهتم بدماء غير أعضائها، ولم تدن مثلا قتل ضابط من مجرمى النهضة أو اغتيال شباب المنيل وبين السرايات والعمرانية. ويفترض أن يتم إدانة قتل سيدات المنصورة، وأيضا ضحايا المنيل وبين السريات، وأن تنتهى مقولة «قتلانا وقتلاهم» التى كانت أحد أسباب ضياع الجماعة.
ثم إن الإخوان يتعمدون أن تتحرك المسيرات لتقطع طرقا رئيسية وتعطل مصالح ناس، وهو أمر يثير الغضب ويدفع للصدام، وكان نفس الأمر ينطبق على المتظاهرين الآخرين قبل الإخوان. لأن قطع الطرق والميادين يقود عادة للصدام من أصحاب المصالح المضارة سواء كان القاطع إخوانا أو غيره.
ثم إنهم يبالغون فى استخدام الصلاة على الكبارى وفى الطرقات وغالبا هى صلاة سياسية، وكلها تصرفات «مفقوسة» ولم تعد تخيل على الشعب الذى أصبح وعيه متجاوزا لهذه الألعاب. وطوال عامين ونصف رأى كافة أنواع التلاعبات التى تستخدم الدين لخدمة السياسة ولم يعد يصدق كل هؤلاء.
نحن أمام معركة سياسية تستخدم فيها الدعاية والدعاية المضادة، ويحرص الإخوان على الظهور بمظهر الضحايا المضروبين المهضومة حقوقهم، وأنهم جميعا ملائكة بأجنحة، بينما نرى منصة رابعة تزدحم بدعاة الحرب والمحرضين. الذين لم نر منهم طوال عامين ونصف إلا كل تهديد ووعيد، ثم يتجاهلون الشعب مثلما فعلوا، مع أنهم يقدسون الصناديق، كأن هذه الأصوات فى الصناديق أصوات موتى وليس شعبا أعلن الرفض والغضب.
الخلاصة أننا أمام معركة سياسية دعائية، يموت فيها مصريون من أجل أن يتصور الإخوان، ويستخدموها للدعاية والإعلان. وتظهر شهادات حية بعد أن يموت من مات. ولو كانت حية فعلا لما سالت كل هذه الدماء.