كلما رأينا طريقة تفكير جماعة الإخوان خلال وجودهم فى السلطة، نتساءل عما إذا كان لدى الجماعة إستراتيجية تتناسب مع تكتيكاتهم التى كانوا يجيدون عملها خلال عقود. لم نر إستراتيجية غير التهديد والوعيد والتكفير والاحتكار والعناد، مع كثير من الفشل، وكلما قلنا لهم إنهم فاشلون بحثوا عن شماعات وحجج ومؤامرات.. ولا نعرف كيف لجماعة ورئيس، ولديهم كل السلطات، ثم يشتكون من المؤامرات والآخرين، والشماعات.. ثم إنهم يمارسون كل أنواع التهديدات والعنف والسلاح الأبيض والأسود والآلى علنا، ثم يشتكون من أنهم مظلومون، وإذا هددوا ووقع انفجار سرعان ما يتبرأون منه، وكأن كائنات من كواكب أخرى ترتكبه، أو يلجأون لنظرية المؤامرة، ويتهمون آخرين بارتكاب العنف.
السؤال الذى يشغل كثيرين: ما الإستراتيجية أو الغاية التى يريدها الإخوان؟ وما الخيار الإستراتيجى للجماعة؟.. طوال عامين ونصف العام، منها عام كامل فى الرئاسة، لم يقدم الإخوان مبررا على أنهم يقدمون الوطن على الجماعة، ويتصرفون بعقلية التنظيم السرى البدائى المعزول، ولو تركوا الدكتور مرسى ليتصرف كرئيس لما ارتكب كل هذه الأخطاء الغبية.. لقد دفعوه لمواجهة مع حلفاء سابقين، وتصادم مع كل الأجهزة والمؤسسات، والمعارضة ونصف المعارضة، فلا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.
وإذا افترضنا أن هناك من يتآمر على الجماعة، فلماذا لم تنتبه للمؤامرة وتسعى لأبطالها، بدلا من تأكيدها بتصريحات وتهديدات.
وعليه فلا يلومن الغبى إلا نفسه، عندما يتسبب فى كل هذه المصادمات، وحتى الحديث عن الحرب الأهلية صدر من الجماعة، ومع كل التأكيدات على السلمية، فإن السلام فى مظاهرات السلميين يظهر واضحا، والدليل هجمات على التحرير، وقناصة فى المنيل والجيزة، مع تهديدات من كل نوع ولون، ناهيك عن الإرهاب فى سيناء.. نحن أمام تهديد واضح، وترويع تكرر كثيرا، وظهر عندما كان الدكتور مرسى يفضل الخطابة لجماعته.
لقد كانت جماعة الإخوان هى التى ابتعدت وتصادمت واحتكرت وعزلت رئيسها، وهى التى تجاهلت الشعب، وتعالت على مطالبه، مثلما فعل مبارك وحزبه الوطنى. هم فعلوا ما فعله نظام مبارك، ويريدون نتائج أخرى غير التى جرت، مع الأخذ فى الاعتبار أنهم تلقوا رسائل وتحذيرات من الشعب بمعارضته، ومن أناس عاديين، لكن الجماعة لديها حالة إنكار، وحتى لو كانت تريد كسب الشعب أو التعاطف لغيرت خطابها.
لكن الحقيقة أن الإخوان لم يعترفوا بأخطائهم، ولا يريدون الاعتراف، ومازالوا يكتفون بالتهديد الذى لم يثبت نجاحه مع الشعب المصرى الذى يرفض العنف، فضلا على أنه لا يخاف.
وربما يكون من صالح الجماعة أن تبحث عن الأخطاء التى وقعت فيها خلال أعوام، وتعيد النظر فى كيفية تمصيرها وانتزاعها من براثن التنظيم الدولى، أو حتى التنظيم المحلى، لأن العالم أصبح علنيا، بينما الجماعة ليس لديها سوى إستراتيجية شمشون «علىّ وعلى أعدائى»، بينما المصريون ليسوا أعداء.. ولو كان الشعب معهم- كما يزعمون- لم يكن أحد ليجرؤ على الإطاحة بهم، بل هم أطاحوا بأنفسهم ومازالوا، لأنهم يرفضون الاعتراف بالأخطاء.