كأننا أمام نفس الصورة، ونفس الخطاب.. هل السلطة الحاكمة لها خطاب واحد كأنه تسجيل فيديو أو كاسيت يتكرر مع كل خطة، وكأن خطاب التبرير والفشل والتخوين يركب على لسان السلطة أيا كانت؟
لقد ظل خطاب حسنى مبارك ونظامه حتى اللحظات الأخيرة يتجاهل الشعب، يتهم الآخرين بالتآمر والتخطيط، والعمل لجهات أجنبية، وها نحن نعود لنفس الخطاب بعد عام واحد مع الرئيس محمد مرسى الذى لا يرى الملايين فى الشارع، ولا يرى كيف انقسم الشعب إلى نصفين على شفا حرب أهلية.. يرى فقط مؤيديه، ويتجاهل الملايين الأخرى، ثم يلجأ لطريقة الاتهامات التى تصور البعض أنها انتهت بسقوط نظام مبارك.
الاتهامات هذه المرة تشير إلى أن كل هؤلاء الملايين فى الشارع هم أنصار مبارك، والمثير أن اتهامات الرئيس هى نفسها التى ظلت تتردد على ألسنة قيادات الجماعة طوال عام كامل، وقلنا بدلا من المرة ألفا إن الحزب الوطنى بقياداته وفلوله، لم يستطيعوا حماية نظام مبارك فى مواجهة الشعب فى الميادين، فكيف يمكن للفلول أن يكونوا أقوى من الأصول؟!، وإذا كانت هذه الدولة العميقة بهذه القوة، فقد استمدت قوتها من الاستبداد والتسلط.
قلنا عشرات المرات إن مبارك ليس شخصا، إنما طريقة تفكير، تستبعد الأغلبية لصالح الأقلية، وأهل الخيرة لصالح أهل الثقة، وتمنح الحوافز لعدد محدود من الأثرياء على حساب أغلبية من الفقراء، . فما الذى تغير من الحزب الوطنى للإخوان؟.. الجماعة تأتى برجالها مكان رجال الوطنى، بصرف النظر عن الكفاءة، تستبعد كل من ينتقد ويرفض، وعندما يخرج الشعب إلى الميادين معترضا غاضبا على الاستبداد، يتهمونه بأنه يريد إعادة نظام مبارك، أو أن الدولة العميقة هى التى تدفعه، وهى مقدمات خاطئة، تعطى الاطمئنان الكاذب، لكنها لا تقدم حلا ولا خطوة.
كانت الدولة العميقة- وما تزال- هى الشماعة التى يعلق عليها الإخوان فشلهم. وإذا كانت الدولة العميقة بهذه القوة، فلا شك أنها هى التى أقنعت الرئيس مرسى بإعلانه الدستورى الذى شق الصف، وهى التى دفعته للتملص من كل وعوده الانتخابية، وتعهداته مع حلفاء الإعادة فى «فيرمونت»، والدولة العميقة هى التى تعين محافظين فاشلين لمجرد أنهم من الجماعة، و هى التى أنتجت المواد الدستورية الفاشلة، والقوانين غير الدستورية، وتقسيم الدوائر المخصوص؟.
إنها نفس الغشاوة التى تصيب الأنظمة المتسلطة، وترفض الالتفات للشعب، وتسعى للبحث عن شماعات وتبريرات للفشل والتسلط، فالحشود ضد مبارك كانت ثورة، بينما الحشود ضد مرسى ثورة مضادة، والشعب فى التحرير له الحق، ونفس الشعب فى التحرير ليس له حق!
وها نحن نرى الإخوان والرئيس ومؤيديهم ومنافقيهم يصرون على إغلاق الأعين والآذان، والبقاء فى عزلة، ويمارسون نفس أفعال مبارك، وينتظرون نتائج أخرى، من دولة الفشل العميقة.