د.عثمان فكرى

لجنة المصالحة الوطنية.. أولوية مطلقة

الجمعة، 05 يوليو 2013 10:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السيناريو الأسوأ الذى يمكن أن تواجهه مصر فى الأيام القادمة، هو اعتماد سياسة الإقصاء منهجا وسبيلا فى العمل السياسى، بحجة استقرار الأوضاع أولا بعد الزلزال الذى حدث.. لا يبرر هذا الاستقرار بأى حال من الأحوال بإقصاء شركاء فى الوطن من العمل العام، وإتاحة الفرصة لهم كاملة كى يمارسوا السياسة ويتقلدون المناصب ويشاركون جنبا إلى جنب فى بناء وطنهم.. أدرك تماما أن المرحلة القادمة لا تتحمل تجارب أو أخطاء، ومن الغباء أن يمنحنا الله فرصتين ثمينتين لبناء دولة جديدة، فنضيعهما واحدة تلو الأخرى، وأخشى ما أخشاه أن نكون قد أدمنا الثورة على الحاكم كلما أخطأ أو لم يلبى مطالبنا، فنخرج عليه، بدل ما أن نترك العملية الديمقراطية تأخذ مجراها.

شىء ما أقلقنى وأنا أتابع بيان حزب النور الذى صدر مؤخرا يطالب القوات المسلحة ووزارة الداخلية "بعدم ملاحقة أبناء التيار الإسلامى حتى ولو كانوا ممن يخالفونهم إذا لم يكن هناك خروج على القانون، وكذلك عدم المساس بمساحة الحريات التى تعتبر من أهم مكتسبات الثورة المصرية".. شعرت أن الحزب ذو الصبغة الإسلامية البحتة بدأ ينتابه بعض التوجس من الإجراءات الأمنية التى اتخذت عقب بيان القوات المسلحة ولا تزال، ونعنى بها ملاحقة قادة جماعة الإخوان المسلمين وبعض السلفيين المحرضين على العنف، فضلا عن وقف بث بعض القنوات الدينية المتهمة بالترويج للاقتتال بين أنصار التيار الإسلامى ومعارضى الرئيس.. بصفتى الأكاديمية أرفض تماما مسألة غلق الوسائل الإعلامية أو التقييد عليها بأى شكل من الأشكال، ولكنى فى المقابل أؤمن تماما بمسئولية هذه الوسائل عما تقدمه من مضامين ومحاسبتها وفقا للقانون ومواثيق الشرف الإعلامية والأخلاقية، ولذا سعدت جدا حينما تضمن بيان خارطة الطريق التأكيد على أهمية صدور ميثاق شرف إعلامى يعلى من قيم الحرية والمصداقية والمسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام بشكل عام.. وأدرك أيضا أن مرحلة كالتى تعيشها مصر تتطلب بعض الإجراءات الوقائية حتى لا تنزلق الدولة فى احتراب أهلى لا يمكن السيطرة عليه.. أتفق تماما مع ما ذهب إليه الدكتور البرادعى فى حديثه لمحطة السى إن إن، من أن ما حدث فى مصر هو زلزال عنيف، يجب التأكد من السيطرة على توابعه.. تعبير بليغ يوصف تماما الحالة العامة فى مصر.. ولكننا فى نفس الوقت نحتاج إلى مسار موازى لطمأنة جميع حركات وأحزاب وأنصار التيار الإسلامى، ودمجهم سريعا فى كل الخطوات القادمة، وإشعارهم أننا جميعا نسيج واحد، ونعمل لمصلحة واحدة هى مصلحة مصر، وأن ما يحدث لا علاقة له بالإسلام من قريب أو بعيد.. إنها السياسة ولا شىء غير ذلك.. ولذا يجب على الرئيس المؤقت "المستشار عدلى منصور"، أن يفعل لجنة المصالحة الوطنية بأسرع وقت ممكن، وربما تكون لها أولوية مطلقة فى جميع بنود خارطة الطريق المعلنة لأنها وحدها ستقى هذه البلاد أشرارا ومكائد تدبر لها فى الخفاء، كما أنها ستبعث برسائل بالغة الأهمية لكل دول العالم من أن ما حدث ليس انقلابا أو إقصاءً لتيار دون آخر، وأن مصر لا ولن تعود للوراء، وأن الجميع شركاء فيما هو قادم، وأن غاية ما جرى هو تعديل البوصلة نحو الاتجاه الصحيح.. أرجو أن يكون رئيسنا الجديد مدركا لخطورة وأهمية هذه اللجنة فى المرحلة القادمة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة