لو سألتنى: هل ترى فى فض تجمعات ميليشيات الإخوان فى تقاطع رابعة العدوية وميدان النهضة بالقوة عملا منافيا للقانون؟ سأجيبك: بالطبع لا، وذلك لأنى لا أرى فى هذه التجمعات أى ملمح من ملامح السلمية، بل هو «تجمع ميليشيات» لها قيادة منظمة ولها موارد مالية معتمدة، تقوم بتدريباتها القتالية على مرأى ومسمع من الجميع، وتتحدى إرادة الشعب المصرى الذى خرج بالملايين ليعبر عن ضيقه بحكم الإخوان، ورغبته فى إقصائهم عن سدة الحكم، لكن لو سألتنى أيضا هل تريد فض هذا الاعتصام بالقوة؟ سأقول لك: لا.
أسبابى فى عدم الموافقة على فض هذه التجمعات بالقوة، تتعدى فكرة اختلافى مع الإخوان أو اتفاقى معهم، وتتعدى أيضا فكرة اعتبارهم جماعة سياسية أم جماعة إرهابية، وسبب رفضى لفض تجمعهم بالقوة، هو أننى لا أرى فى فض التجمع جدوى، فمن الممكن أن يتم فض تجمعهم الآن فى «رابعة والنهضة» وبعدها بدقائق يبدأون فى التجمع مرة أخرى فى أماكن أخرى، ووقتها سيدعى الإخوان أنهم «رد فعل» وليس «فعل»، وهو ما قد يبرر لخلاياهم النائمة التذرع بحججهم الباهتة التى سيرددونها حتى يظن البعض أنها «حقيقة».
كما أننى أرى أن فض التجمع بالقوة الآن يمنح الجماعة طاقة إيجابية إضافية، وهم أفضل من يزيفون الحقائق ويختلقون المآسى التى يتباكون عليها وكأنها حقيقية، وعلى أبسط التقديرات، فإن هناك مئات القتلى والمصابين ستقع فى الجانبين، إذا ما تم فض التجمع بالقوة، ونحن نعرف جميعا أن الشعب المصرى لا يحب أن يرى الدماء على شاشات التليفزيون، ولا يحب إزهاق الأرواح حتى إن كان يكره هؤلاء القتلى والمصابين، ولذلك فأى فض للتجمع بالقوة، سيأتى فى صالح الجماعة، فهم لا يتورعون عن توريط شبابهم فى المعارك الخاسرة التى يعرفون تمام المعرفة أنها لن تأتى بشىء، ولا يجزعون لموت أنصارهم إلا أمام الشاشات.
لا تريد الجماعة وأنصارها الآن أكثر من أن تتخذ حكومة الببلاوى قرار تنفيذ فض تجمعاتهم، وذلك لأن هذه التجمعات أصبحت عبئا كبيرا عليهم، خاصة فى ظل حبس رجلهم القوى «خيرت الشاطر» الذى يتكفل بتمويل التجمعات والمسيرات، ما يعنى أن الجماعة الآن تنفق على هذا التجمع من «لحمها الحى» ثانيا تعيش قيادات الجماعة الآن حالة من الصراع الداخلى الرهيب، خاصة أن خلافاتهم بدأت فى الظهور إلى العلن بدافع اليأس والتخبط وعدم القدرة على اتخاذ القرار، وأهم أسباب ترجيحى لفكرة عدم فض ما يسمى بـ«الاعتصام» بالقوة والبدء فورا فى الملاحقة القانونية لقيادات الجماعة، هو أن الجماعة الآن تعيش أسوأ أيامها، خاصة بعد أن بدأت الصحافة الغربية فى تجاهلها بعد نشر العديد من التقارير التى تثبت أن تجمعاتهم «مسلحة»، وهو الأمر الذى انعكس على القيادات الغربية التى عولت عليها الجماعة، فجعلها تفضل الصمت حيال تلك القضية، بعد أن صدعونا أسابيع بتصريحاتهم وزياراتهم، وأى محاولة الآن لفض الاعتصام بالقوة ستعطى الجماعة فرصة ذهبية للظهور مرة أخرى على الفضائيات العالمية وتصدر الصفحات الأولى للجرائد الغربية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة