ظاهرة اللعب على كل الحبال والرقص على كل السلالم، موجودة ومستمرة.. ومنذ 30 يونيو كانت هناك مواقف لبعض التيارات السياسية التى تريد أن تكسب دائما، من دون ثمن، وخير مثال على ذلك حزب النور وغيره ممن مازالوا يدورون ويلفون، ويتخذون مواقف وعكسها، يريدون إرضاء الدولة والرئاسة، ولهذا دخلوا فى المرحلة الانتقالية وأيدوا الثورة الشعبية، ويريدون أيضا إرضاء جماعة الإخوان وقواعدهم التى تذهب بعضها إلى رابعة والنهضة، وأيضا إرضاء التيارات السلفية المختلفة.
حزب النور كان من الأحزاب التى انتقدت وهاجمت وعارضت حكم الإخوان والدكتور مرسى، وفجروا قضية الأخونة، وقدم النور قائمة بـ35 ألف اسم من قيادات الإخوان، تولوا مناصب فى الدولة.. حزب النور كان بالفعل ضد الفشل والاحتكار والتردى السياسى لنظام مرسى والإخوان.، وكان مبررا للنور أن ينضم إلى الثورة والشعب فى مواجهة النظام الفاشل.
لكن حزب النور ظل طوال الفترة الماضية يرقص على السلالم، فهو مع المرحلة الانتقالية لكن ليس معها تماما، وهو مع لجنة الخمسين لكن لديه موقف تجاهها . وأصدر بيانا عبر فيه عن حالة التردد، حيث أبدى اعتراضات على طريقة تنفيذ خارطة الطريق التى يراها انحرفت عن مقاصدها، وسيطر عليها فصيل واحد، حزب النور يقول هذا وهو مدعو للجنة هو وباقى الفصائل السياسية.
ثم إن الحزب أعلن انه يعترض على مبدأ إتمام التعديلات الدستورية عن طريق لجنة يهيمن على أعمالها أفراد معينون، وسجل اعتراضه على جو التكتم الذى جرى فيه عمل لجنة العشرة.
لكن بعد التحفظات والاعتراضات التى كانت معروفة للحزب من البداية، عاد ليضاعف الحيرة، والتناقض فيقول، إنه لا يمانع فى المشاركة فى لجنة الخمسين للدفاع عن حق الأمة فى الحفاظ على دستورها. ويعود ليضع شروطا منها إعلان تخوفه على المادة الثانية، التى يعترف هو نفسه أن الأزهر والكنيسة وكل الأطراف أعلنت الحفاظ عليها، حزب النور يغنى ويرد على نفسه. ويصر على إثارة الجدل فى قضية محسومة.
الخلاف حول الدستور الموقوف، لم يكن فى المادة الثانية، لكنه حول الحريات والعدالة الغائبة، ومنح سلطات لمجلس الشورى، وهو منتخب بأقل من 6% وأغلبه معين، ناهيك عن إسقاط مبدأ الفصل بين السلطات.
والحقيقة أن حزب النور من خلال تصريحات وتحركات قياداته، يكشف عن رغبة فى لعب دور مزدوج، تارة لتعطيل المرحلة الانتقالية، وأخرى لإرضاء قواعده المنحازة لمشروع الإخوان الغامض.
نحن هنا أمام تيار سياسى متناقض، بلا مواقف واضحة، يفترض أن الأطراف الأخرى غبية أو مغيبة، أو أن الابتزاز السياسى يمكن أن يضاعف أرباحه السياسية، وهو هنا يكرر تجربة الإخوان فى اللعب المزدوج.
وربما لم يدرك النور وغيره بعد، أن الشعب الذى تعرض لخداع أكثر من مرة أصبح قادرا على الفرز، ولم يعد من السهل الضحك عليه، أو ابتزازه باسم الخوف على الدين والإسلام.
الشعب يريد دستورا ونظاما يضمن له العدالة والمساواة والحرية، أما الإسلام فهو كفيل بحمايته من كل السياسيين، الذين يريدون اللعب على السلالم. وهناك مثل شعبى يقول «اللى بيزمر مابيخبيش دقنه».