انسحاب بطعم الانتصار

فى لقاء جمع بين ممثلى الأحزاب السياسية المصرية ونائبى الكونجرس الأمريكى السيناتور جون ما كين ولندسى، حضرت ضمن ممثلين عن تيارات سياسية ومجتمعية مختلفة فى حين اعتذر بعض المدعوين الآخرين عن الحضور فى اللحظة الأخيرة عقب استماعهم للمؤتمر الصحفى الذى طالب فيه ماكين بالإفراج عن المعتقلين من الإخوان المسلمين وذكر تصريحات تعد تدخلا منهم فى الشأن المصرى تدخلا غير مقبول إطلاقا. أما أنا فلم تتسع لى الفرصة أن استمع لهذا المؤتمر الصحفى فحضرت لقاء ماكين دون أى دارية بهذه التصريحات السافرة. ولكن انسحبت فور تكرار تصريحات هذا المؤتمر المشئوم على الحضور من قبل السيناتور بعد أقل من ربع ساعة من بداية اللقاء.

لقاء بدأ بتبريرات عبثية من السفيرة الأمريكية عندما هوجمت بسبب زيارتها هى وقيادات أمريكية أخرى للشاطر، تبرر الزيارة بعدم وجود زيارات لعائلة الشاطر ومحاميه، وكأن الإدارة الأمريكية هى عائلته ومحاميه، فبدل أن تطالب بالسماح لأهله وذويه ومحاميه بالزيارة ذهبت هى لزيارته وكأنها هى أهله وعشيرته، وهناك الكثير من المعتقلين منذ المخلوع الأول ثم المجلس العسكرى ثم المعزول من اعتقلوا بدون زيارات ومحامين ومن دون تهم من الأساس ولم نسمع لها حس أو ضغط من أجل حقوق المعتقلين، والسؤال يطرح نفسه: لماذا يبحث الأمريكان فقط عن حقوق معتقلى الإخوان ويزورونهم ويطالبون بالتدخل فى شئون القضاء المصرى للإفراج عنهم، فهم ليسوا معتقلين سياسيين بل سجناء جنائيين موجهة لهم تهم واضحة وصريحة.

واستمرارا للتبريرات العبثية عندما وجه لها نقد بأنه: هل لا يكفى اجتماعاتك مع القيادات الإخوانية الأخرى أمثال د. عمرو دراج وبشر ومحسوب وآخرين غير متهمين فى قضايا، نجدها تبرر بأنه غير كاف وتضيف واصفة الشاطر بأنه القائد وصاحب السلطة والتأثير، ونجد أنفسنا أمام سجين جنائى متهم بالتحريض على قتل المتظاهرين يمارس سلطته من خلف القضبان لذلك هم حريصون على التواصل معه وعلينا أن نقتنع أنه فى سجن يمكنه من ممارسة سلطته وتأثيره على قواعده فما طبيعة هذا السجن يا ترى؟

حضر السيناتور وبدأوا حديثهم الذى لم يستغرق دقائق معدودة بضرورة الإفراج عن معتقلى الإخوان وإدماجهم فى المرحلة الانتقالية، ولم يلتفت الأمريكان إلى أن هؤلاء الإخوان متهمون بقضايا جنائية من تحريض على القتل وربما تصل التهمة لبعضهم بالمشاركة فى القتل، والغريب أنه قال ولكننا لن نبدأ بالطبع بالإفراج عن مرسى بطريقة متعجرفة وأسلوب مستفز وكأنه أخذ قرارا ويبحث آليات وأولويات التنفيذ، أى ثقة يتحدثون بها هؤلاء؟ ومن سمح لهم أن يقولوا أو حتى يلمحوا بذلك؟ أقل شىء هو الانسحاب من على منضدة يتم عليها إلقاء كلمات مخزلة من أشخاص لا يعملون شىء عن طبيعة المصريين. وأن يوجه لهم أن ما يقولوه إسفاف وأن الشعب المصرى لن ولم يقبل ذلك والرد القادم من الشعب الذى يضع حذاءه فى مظاهرته على صور السفيرة والرئيس الأمريكى أكبر وأعنف. وأننا على وشك أن تكون مشاعر المصريين تجاه الإسرائيليين هى نفسها بنفس درجة الكره إلى الأمريكان.

ثم يتحدث واصفا الوضع المصرى بأن الحكومة الحالية تديرها المؤسسة العسكرية دون أى دليل على ما يدعيه؟ يتحدث بلسان إشارة رابعة بتصريحات عنترية لا تهدف إلى مصلحته وما يريد أن يفعله بمصر وهذا كان ردى عليه. ومن جهة أخرى نجد الإدارة الأمريكية تتنصل من موقف ماكين وتصرح بأنه يعبر عن رأيه الشخصى وليس عن رأى الإدارة الأمريكية.. استمرارا لمسلسل التخبط الأمريكى بعد أن فشل مخططهم لتدمير مصر مع أهلهم وعشيرتهم من الإخوان المسلمين. وتصدى لهم الشعب والجيش المصرى كان لهما بالمرصاد.

انسحبت بعدما غلى الدم فى عروقى مما قاله وتدخله السافر فى شئون بلدى بعد ما رفضت تصريحاته وأنذرته بردود الأفعال المصرية عن تصريحاتهم وأفعالهم المخزية. وكنت أتمنى انسحاب كل القوى السياسية من الحاضرين واعتراضهم على ما قاله ورفضهم لتدخله فى الشأن المصرى وما يفرضه علينا من حلول. كنت أتمنى أن تصل الرسالة إليهم بقوة أننا سنقف بكل عزم وشدة ضد أى من تسول له نفسه التدخل فى شأننا ولا نريد حلولكم لصالح الإخوان ونرفض تصريحات ماكين جملة وتفصيلا. ولكن الانسحاب واستمرار المواجهة والهجوم مفيدان معا أحيانا.

وسيظل السؤال يبحث عن إجابة ولن يهدى لنا بال ولن تغمض لنا عينا حتى نعلم ما هى الصفقة التى كانت بين الأمريكان والإخوان حتى يفعلون ما يفعلون الآن؟
حفظ الله مصر والمصريين،