شق الإرهاب طريقه إلى مصر منذ سبعينيات القرن الماضى، وحملت الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد السلاح فى وجه الشعب المصرى، فلم تقتصر عملياتهم الإرهابية على رجال الشرطة وفقط، وإنما حصدت رجالا وشيوخا وأطفالا، وكان المسيحيون من الضحايا، ولأن ذلك ضد الإنسانية، فقد حصدت تلك الجماعات رفضا شعبيا، وهذه واحدة من دروس الماضى التى لم تفهمها جماعة الإخوان فى حاضرها، ولم تفهمها القوى المنضوية تحت لوائها.
فى أحداث الإرهاب التى شاهدتها مصر يوم الأربعاء الماضى، أظهرت جماعة الإخوان حقيقتها، خاصمت كل ما كانت تنادى به بأنها ودعت العنف الذى سلكته منذ أربعينيات القرن الماضى، وأكدت أن هذا نهج أصيل فى بنائها الفكرى تستدعيه وقت اللزوم، نفذت كل ما يمكن قوله من إرهاب، والسؤال الآن، هل تنظر إلى المستقبل حقا وهى تتبع هذا النهج؟ هل من الصحيح أنها ستتحدث عن وجودها شعبيا يرفعها إلى مرتبة التنافس السياسى، أم أنها تعول فقط على المساندة الخارجية التى أصبحت تعول عليها كثيرا؟
الذين رفعوا السلاح فى وجه أبرياء وضد منشآت لفظهم الشعب المصرى فى الماضى، ومن هذه الخبرة سيلفظهم الشعب المصرى فى الحاضر والمستقبل، وهذا هو الخطر الذى يواجه جماعة الإخوان، لن ينفعهم إعلام مضلل كقناة الجزيرة، ولن ينفعهم مساندة دولية مهما كانت المساندة من أمريكا وتركيا وقطر وغيرها.
ما حدث من إرهاب أمام الشعب المصرى وتشجيع أطراف من الخارج له، يكشف كم كانت اللعبة الدولية كبيرة بالنسبة لمصر، فأمريكا لا تناصر أحدا من أجل قيم ومبادئ ديمقراطية كما تتشدق، ولكنها لعبة المصالح التى تحكمها، واقع الحال يؤكد أن فى كواليس حكم مرسى وجماعته حدثت اتفاقيات سرية لم يتم الكشف عنها بعد، وإلا فلماذا لا تتباكى أمريكا لما يحدث من اعتداءات وحشية ضد المسيحيين وحرق الكنائس، لماذا لا تتباكى أمريكا كما كانت تبكى فى ظل نظام مبارك، لم تتحدث عن مسؤولية جماعة الإخوان عن هذا الجرم، وهذا يعنى أنها تتحدث عن مثل هذه القضايا طبقا لمصالحها الخاصة، فأى مصلحة تجدها الإدارة الأمريكية فى جماعة الإخوان؟
فى الكواليس هناك من الأسرار التى سيتم الكشف عنها تتعلق بالدور التركى فى هذا المجال، لا يقتصر الأمر فقط على انتماء أردوغان للإخوان، وإنما هناك ترتيبات إقليمية برعاية تركيا تحقق لها مصلحتها الطموح إلى ماضى الدولة العثمانية التى ظلت جاثمة على صدر مصر نحو 400 عام، أردوغان «العثمانى» هو الذى يتحدث ضامرا الشر لمصر وشعبها، فى الكواليس هناك من الأسرار التى سيتم كشفها يوما ما بشأن تسخير قناة الجزيرة لأهداف إقليمية ودولية.
قال لى حقوقى نافذ أثق فيه كثيرا إن ناشطة مصرية كانت فى لقاء منذ فترة قصيرة ضمها مع آخرين مع كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية فى عهد جورج بوش «الابن»، وسألتها الناشطة: هل تعمل أمريكا على إخضاع ثورة 25 يناير لمشروع الشرق الأوسط الكبير؟ فردت كوندليزا باقتضاب: «وهل تشكين فى ذلك؟ وقد يفسر هذا الموقف الأمريكى والتركى والإسرائيلى ما حدث فى مصر منذ 30 يونيو، قامت ثورة 25 يناير بإرادة الشعب المصرى، لكن بقى سؤال، ماذا فعلت أمريكا من أجل سحب بساط الإرادة الشعبية، لتوظيف هذا الحدث العظيم لصالحها؟».