قال سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم: «تخلقوا بخلق الله»، وهى دعوة للسلوك الكمالى والمثالى المطلوب من المسلم فى الحياة، لأن الله سبحانه وتعالى هو الكمال المطلق والجمال الكامل، ولا يصدر عن الذات المقدسة سبحانه وتعالى إلا ما هو كامل، لا نقصان فيه، ولذلك فإنه سبحانه وتعالى «يحب معالى الأمور وأشرفها ويكره سفاسفها»، وبالتالى فعلى العبد أن يسعى إلى السلوك الراقى الذى يقترب من الكمال، فينعكس هذا السلوك على الناس المحيطة به، وينعكس أيضا على الشخص ذاته. إن دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم هى الارتفاع بالسلوك الإيمانى إلى درجة رفيعة وسامية تخلق مجتمعا شبه ملائكى.
ولقد جاء فى القرآن الكريم أن الله يحب التوابين، أى هؤلاء البشر الذى يتمتعون بضمير حى يندم إذا أخطأ، ويرجع إلى ربه طالبا العفو والسماح، ويكفر عن فعلته بالإحسان إلى من أساء إليه. وقال الله تعالى إنه يحب المتطهرين الذين يغسلون أنفسهم وأرواحهم من النواقص ومن الذنوب حتى لا يبقى عليهم شىء من أدران الذنوب والمعاصى. ويحب الله سبحانه وتعالى المحسنين الذى يحسنون إلى أنفسهم بالعمل الصالح، ويحسنون إلى الغير بالقول الطيب، وبالفعل الحسن، وبالمال، فيفك كرب المسلم الذى يمر بضائقة مالية أو صحية، ويقدم الصدقات للمحتاج، ولا يمن بها على من تلقاها، ويحب سبحانه وتعالى الصائمين عن الذنوب والمعاصى.
الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال فى كل شىء.. فى المظهر، وفى القول والفعل، ويحب الرفق فى الأمر كله، لأنه رحمن رحيم، كريم عظيم. وقد قال خير خلق الله عليه الصلاة والسلام: إذا كان الرفق فى أمر زانه، وما نزع من أمر إلا شانه. وقال مولانا رسول الله عليه الصلاة والسلام: ازهد فى الدنيا يحبك الله. وهذا لأن الزهد معناه الارتفاع فوق الماديات، وعدم النظر إلى المحدود على أنه الهدف النهائى فى الحياة. وقد قال الله سبحانه وتعالى: «ولكم فى رسول الله أسوة حسنة»، فمن جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوته ومثله الأعلى نال حب ربه، وهذا لأنه أحب الكمال البشرى، والجمال الإيمانى، والسلوك الأقوم، والقول الأصدق