الانتماء للوطن هو أحد أهم مجموعة الانتماءات التى يمارسها الإنسان منذ ولادته من الانتماء والارتباط بالأمم إلى الانتماء والارتباط بالوطن، فالسيد المسيح من ضمن أسمائه اسم الناصرى، فلقب بيسوع الناصرى، ورسول الإسلام الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كم كانت مكة أحب البلاد إلى قلبه، ولذا فلا تناقض بين حب الوطن والاتنماء إليه وبين حب العقيدة والتمسك بها، فالوطن هو الذى نولد على أرضه ونستظل بسمائه وننعم بخيراته حتى الممات، ويصبح لأولادنا وأحفادنا من بعدنا، ومن يريد أن يحكم هذا الوطن فمن الطبيعى أن يؤمن به ويحبه وينتمى إليه ويسعى لتقدمه، ومن غير المتصور أن يكون هناك من يسعى للسلطة بوطن ممزق ومنهار ومفكك، وهنا قد قامت ثورة يناير 2011 وتجمع الجميع لإسقاط مبارك، ولكن كانت هناك نية فى نفس يعقوب لكل فصيل سياسى، وهى السعى للاستئثار بالسلطة فى ظروف استثنائية كانت تحتاج إلى مزيد من استمرار حالة التوحد الوطنى التى ظهرات أثناء الثورة، ولكن سرعان ما تشتت الجميع وتشرذم الاتحاد وانقسم الوطن، وحل الاستقطاب تحت اسم إسلاميين وعلمانيين، علما أن الإسلام فى مصر وبطبيعة شعبها المتدين الذى عرف الدين قبل الأديان هو مصون، عقيدة للمسلمين وعادات وتقاليد وتراثا وثقافة وتاريخا وحضارة لكل المصريين، ولا أحد يزايد على مادة الشريعة فى الدستور، لأنها باقية بحق الأغلبية المسلمة، وباقية بحفظها بسلامة وحقوق غير المسلمين والاحتكام لشرائعهم، ولكن تحول الصراع من سياسى إلى دينى بين أبناء وطن يجمع أغلبيتهم دين واحد، فكانت 30-6 لإسقاط حكم الإخوان، فزاد الاستقطاب وتعمق الخلاف وتجذر العناد فسقط وتبخر حب الوطن والانتماء إليه، وحلت المصالح الحزبية والذاتية الضيقة بديلا، حتى وصلنا إلى مرحلة المواجهة الدموية التى يسيل فيها الدم المصرى الزكى، وهنا لا ولن أفرق بين دم ودم، ولا بين قتيل وشهيد، فالكل مصريون والوطن للجميع مع العلم أنه من المنطق والطبيعى والسياسى عندما تصل مجتمعات إلى مثل هذه المرحلة المفصلية التى يعيشها الوطن الآن، يصبح على الجميع بلا استثناء أن يعيد تقييم نفسه فورا، وأن يحدد ما يسمى بالنقد الذاتى، حيث إنه لا يوجد ولن يوجد من يملك الحقيقة المطلقة، فهى الله سبحانه وتعالى لأنه هو الحق، فهل يمكن أن يتم ذلك بالرغم من الدم والخراب الذى يحدث، والذى يهدد سلامة الوطن، أى سلامة الجميع بلا استثناء، فماذا بعد خراب الوطن لا قدر الله؟ وما هى النتائج لو انزلقنا إلى حرب أهلية نرجو من الله أن يبعدها عنا؟ هل هناك من مستفيد؟ وإذا كان كل طرف يسعى لمصلحته الخاصة تحت اسم مصلحة الوطن والمواطنين، وفى نفس الوقت الذى يدفع الثمن هو المواطن العادى الغلبان الذى ينتظر أن يحقق أمله فى أن يعيش فى أقل مستوى إنسانى، وإذا كانت السياسة والساسة هدفهم خدمة المواطن وإسعاده وحل مشاكله فى وطن مستقر، فهل ما يحدث الآن يمكن أن يحقق هذا، وما ذنب المواطن؟ فلنعد إلى العقل فما يحدث الآن لن يفيد أحدا وسيخسر ويندم الجميع، ولن يغفر الله ولا التاريخ ولا الشعب؟ فهل يدخل الجميع فى معركة خاسرة، مصر هى الأهم والأبقى والأخلد والشعب هو المعلم والله الحافظ والقدير.