هى ساعات وقد نرى بعدها الحرب على سوريا، القصة ليست إسقاط بشار ونظامه، وليست اتهامه باستخدام السلاح الكيماوى الذى تدل الشواهد أن الذى استخدمه هم المسلحون الذين يعبثون فى الأرض السورية، لا تتخذ ما تعلنه قناة الجزيرة دليلا، فما فعلته ضد مصر وجيشها من أكاذيب وسفاهات، يكفى لنسف كل ما ذكرته عما كان يحدث فى سوريا، ولعلنا الآن نتذكر ما قيل من قبل بأن اللقطات التى كانت تبثها «الجزيرة» عن المظاهرات فى سوريا كان يتم إعدادها فى معامل بفرنسا ليتم بثها فى أكبر عملية تزييف.
القصة ليست حقوق إنسان وديمقراطية، فهؤلاء الذين يشدون زناد السلاح الآن ضد سوريا لا يشغلهم ذلك، القصة هى الحفاظ على إسرائيل وتفوقها حتى تبقى رأس الحربة فى المنطقة للحفاظ على المصالح الأمريكية والغربية، على أن يتم ذلك بالقضاء على كل المقدرات العربية، وأهمها على الإطلاق إنهاء قوة الجيوش العربية التى هى ليست ملكا لنظام حاكم، وإنما ملك لكل عربى.
تحدثت فى هذه المساحة منذ أسابيع عن دراسة إسرائيلية بعنوان «استراتيجية لإسرائيل فى الثمانينيات» تكشف عن مخطط إسرائيل للمنطقة بتقسيمها إلى دويلات، فمصر تتحول إلى دولتين واحدة فى الشمال وأخرى فى الصعيد (لاحظ المنشورات التى تم توزيعها فى الأيام الماضية عن انفصال الصعيد)، أما سوريا فيتم تقسيمها إلى دويلات، واحدة علوية شيعية على ساحلها فى الشمال، وفى حلب دويلة سنية، وفى دمشق دولة سنية أخرى معادية للشمال، وربما دويلة لـ«الدروز» فى الجولان، قلت إنه على الرغم من أن الدراسة تقوم وفقا لنظام دولى وإقليمى مختلف عما هو موجود الآن، فإن الهدف مازال واحدا، بدليل تحقيق جانب مما تحدثت عنه هذه الدراسة وأهمه تقسيم السودان إلى شمال وجنوب، وها هى سوريا فى الطريق.
القضية إذن ليست بشار ونظامه وإنما هى سوريا الدولة والشعب، وعلى كل الذين يهللون فى مصر من تجار دكاكين حقوق الإنسان، وتجار الليبرالية والمتسترين بالدين، عليهم أن يصمتوا فى هذه اللحظات التى يحدد فيها الغرب مصير أمة بأكملها وفى القلب منها مصر، عليهم أن يفيقوا من أن ما سيحدث هو مجرد ضربة لأهداف فى سوريا، ومجرد عملية قد تؤدى إلى إسقاط نظام بشار، فاليوم الذى سيحدث فيه ذلك سيكون مقدمة حقيقية لإضعاف مصر، ودروس التاريخ منذ عصر الفراعنة حتى العصر الحديث تؤكد ذلك، ومن يغفلها الآن هو جاهل.
الحرب على سوريا هى حرب إقليمية بامتياز فهناك أطراف تجهز خططها هى الأخرى، فكما جاء فى تقرير لجريدة السفير اللبنانية أمس بعنوان: «هى الحرب الأمريكية على سوريا وليست ضربة لنظامها»، «حزب الله الذى يضع يده على الزناد منذ أكثر من 24 ساعة لا يريد أن يكشف أوراقه»، أما إيران فذهب إليها السلطان قابوس حاكم سلطنة عمان، حاملا رسالة أمريكية مفادها، الاستعداد لمناقشة كل الملفات مع القيادة الإيرانية الجديدة، شرط الأخذ والرد فى الملف السورى، وكان الرد الإيرانى: «لن نفاوض على بديل للنظام السورى، وعلى حماة المجموعات التكفيرية المحمية من بعض دول المنطقة (الخليج) أن تعلم أن هذه النار ستطالهم على حد تعبير آية الله على خامنئى»، يحدث هذا فى الوقت الذى ترتكب فيه الجامعة العربية جريمة تهيئة المسرح للعدوان المحتمل.