إذا كان الإعلام مرآة للمجتمع، فلابد أن يعكس ماهية هذا المجتمع.. خلقه، عاداته، تقاليده وسماته، وهنا يأتى السؤال: هل نرضى على ما وصل إليه الإعلام المصرى الآن من مستوى أهذب ما يقال عنه إنه هابط بكل المعانى إلا ما ندر؟، هل نقبل أن يكون هذا هو إعلامنا المصرى بعد كل ما حققه الشعب المصرى من إنجازات ثورية أبهرت العالم، وجعلت من يفكر أن يقترب من مصر يحسب خطواته ألف مرة، ويحسب ويحلل رد فعل الشارع المصرى الذى أصبح أقوى ما فى المشهد، ويقف خلفه جيش عظيم، ومؤسسات تقوى وتتطهر وتعيد توازنها خطوة خطوة؟.
هل سنترك الإعلام يتحول إلى ساعات من الابتذال، وتبادل الافتراءات والبذاءات تخرج من بعض الضيوف مصاحبة بابتسامة صفراء من مذيعين ومذيعات يفتقدون المهنية، وإلى الحس البديهى عما يجب أن يدخل بيوت المصريين من حوارات وألفاظ، وما لا يجب، حتى أن نلمح إليه، فلن أذكر- لا سمح الله- المهنية الإعلامية مثلا، أو ما يجب أن يتحلى به المذيع من مؤهلات، لأن الموضوع أدنى من ذلك، فهؤلاء المذيعون والمذيعات يفتقدون بالأساس اللياقة والأخلاق.
للأسف تحولت بعض القنوات والبرامج التليفزيونية إلى برامج صفراء تماما كالصحف الصفراء التى لم تعد تهتم سوى باستضافة الأشخاص المنحطين أخلاقيا الذين لا يعرفون شيئا فى الحياة، ولا يمتهنون أى مهنة سوى مهنة السب والقذف والإساءة والتشويه.. هؤلاء الذين خرجوا على المجتمع المصرى كبقايا وفضلات متعفنة من نظام مبارك، واهمين أنهم سيرجعون لينهشوا أعراضنا بألسنتهم البذيئة، واهمين أنهم سيجدون لهم مكانا. والحقيقة هم أسوأ ما نتج من الموجة الثالثة لثورة عظيمة لشعب مصر، فهم الإساءة الحقيقية لإنجازات هذا الشعب الذى أثق أنه سينتصر عليهم، كما انتصر فى الفترات السابقة.
ليس من مصلحة الدولة ولا القائمين على السلطة الآن أن نسمح لمثل هذه البذاءات أن تظهر على الشاشات لتهاجم وتشوه ثوار 25 يناير الذين مهدوا للموجة الثانية من الثورة فى 30 يونيو، والذين لولاهم لما قامت ثورة 30 يونيو، فلابد من التخلص من هذا العبث الذى يدمر وعى شعب بأكمله، معتمدا على ترديد شائعات لا أساس لها من الصحة، تطال الأعراض والحياة الشخصية.. يخدعون الشعب بأن المؤسسات الحالية معهم، وتتواطأ معهم فى هذه البذاءات، وهذا عارٍ تماما من الصحة.
وقد تبرأت بعض المؤسسات كوزارة الداخلية تماما من التعامل مع هذه الشخصيات غير السوية، ولكن هذا لا يكفى، وأوجه كلامى إلى مؤسسات الدولة الحالية التى تحاول أن تصلح فساد السنين والأعوام، التبرؤ من هذه الشخصيات ليس كافيا أيها السادة، لابد من وضع ميثاق شرف إعلامى كما جاء فى نص خارطة الطريق التى ساندناها جميعا لمنع مثل هؤلاء الأشخاص من التشهير بالشرفاء والانتقام منهم، لأنهم خاضوا غمار ثورة يناير، وساندوا الشعب فى مطالبه.
لابد من محاسبة هؤلاء، وجعلهم عبرة لمن يعتبر، ومنعهم من الظهور على الشاشات، حفاظا على إنجازات الثورة، وحفاظا على أبنائنا وعقلية شعبنا، حتى لا تصير البذاءة أسلوب حياة بيننا.
أيها المسؤولون... من وزيرة الإعلام، والمستشارين الإعلامى والسياسى للرئيس، ووزيرى الداخلية والدفاع، ورئيس الوزراء، ورئيس الجمهورية المؤقت.. هؤلاء الأشخاص والقنوات والبرامج تسىء لكم جميعا أكثر مما تسىء إلينا، تسىء لكل ما أنجزتموه ودافعتم عنه، تسىء للشعب المصرى الذى تقومون برعايته الآن بحكم مسؤوليتكم، تسىء لكم دوليا بمحاولة تشويه ثورة 25 يناير التى تخرجون، ونخرج جميعا للعالم نقول ونحن مؤمنون ومدافعون عن ذلك، أن ما حدث فى 30 يونيو امتداد لثورة 25 يناير من أجل الحرية والكرامة والعدالة، وذلك لأنها توحى بعودة الدولة البوليسية التى تغتال الشخصيات عن طريق الإعلام الموجه من الدولة.
نطالبكم بإرساء دولة القانون على كل من يخطئ، ويسب ويقذف ويشهر دون دليل، ودون مستند، حاكموا كل من أخطأ بالقانون، وليس بالتشهير، ردوا اعتبار كل من أهين وتك تشويهه ووجهت له الإساءة.. كنتم سندا لصوت الشعب فى 30 يونيو، وتحاولون فتح صفحة جديدة مع الشعب.. أكملوا واجبكم حتى لا ينشق الصف، وحتى نظل يدا واحدة نضع نصب أعيننا فقط أمن مصر وسيادتها واستقلالها، نثق بكم وننتظر أن تقوموا بواجبكم تجاه كل مواطن تثقون فى شرفه ونزاهته ونضاله.