فقهاء السلطان هم فقهاء السلطان فى كل زمان ومكان، يدافعون عنه حتى اللحظة الأخيرة، يبررون له كل أفعاله، لمن يميل إلى الشريعة والدين يقدمون الفتاوى والحجج والأدلة والبراهين الدينية بعد تطويعها لخدمة وجهة نظرهم، ولمن يميلون إلى المنطق والتعقل فى الحكم يغالطون فى تقديم الحقائق ثم يبنون عليها ما يريدونه من خطاب داعم لطاغيتهم، ولمن يميلون إلى الحكم على الأشياء بناء على المواثيق والأعراف الإنسانية يجتهدون فى استغلال المشاعر الإنسانية واللعب على العواطف الأحاسيس بصنع مآس مفتعلة وتصوير الجثث الحقيقى منها والمزيف لوضع المشاهد «المتعاطف بطبعه» فى مأزق أخلاقى، ما بين السماح بالقتل أو الانتفاض من أجل الثأر.
ما سبق هو استراتيجية بعض «صناع الكلام» الذين يدافعون عن دولة مرسى الزائلة، تحت دعاوى خاوية متهاوية لا تلبس أن تندحر أمام شىء من التأمل، ولقد بدأت أمس فى التأمل فى بعض ما يقولونه، واليوم نكمل ما طرحته بالأمس، وإنى لأجد أن تلك الحجة الواهية التى تقول إن 30 يونيو كانت ثورة أو انتفاضة ثم تحولت إلى انقلاب نتيجة الممارسات الاستثنائية الكثيرة التى أجراها الفريق السيسى، هو أكثر الأقاويل منطقية وقبولا لدى البعض، كما أن هذا القول هو أخبث ما يقال فى هذا الشأن، فلا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك إجراءات استثنائية وقعت بالفعل، فليس حظر التجول وقانون الطوارئ سوى مظهر من هذه المظاهر الاستثنائية الصريحة، لكن هل ينتقص هذا من شرعية الثورة، وهل يحولها إلى انقلاب عسكرى كما يردد المتنطعون؟ بالطبع لا، ولو فرضنا أن الإجراءات الاستثنائية تحول الثورة إلى انقلاب فهذا معناه أن 25 يناير كانت انقلابا، وذلك لأن المجلس العسكرى السابق ارتكب العديد من الإجراءات الاستثنائية، وفرض حظر التجول وأعلن العمل بقانون الطوارئ، وفض العديد من الاعتصامات، وقتل المئات والمئات من أبناء الشعب المصريين كل هذا وسط مباركة التيار الرجعى المسمى بالإسلامى، ولم يجرؤ أحد وقتها على القول إن 25 يناير تحولت إلى انقلاب.
أما القول إن 30 يونيو ليست ثورة بل هى موجة ثورية مكملة لثورة يناير، فهذا قول حق يراد به باطل، فنعم لولا يناير لما كان يونيو، لكن من يدعى أن يونيو لم تكن ثورة إنما يريد أن يسلبها «الشرعية الثورية» التى بنيت على أساسها العديد من الإجراءات، والغريب أن هذه الأقاويل تضع من يرددها من الذى تحمسوا فى البداية ليونيو ثم انقلبوا عليها فى مأزق منطقى، فكيف يقولون إن يونيو لم تكن إلا انتفاضة مكملة ليناير، ثم يقولون إنهم كانوا مع الإطاحة بمرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة؟ فهل يطاح بالرؤساء إلا بالثورات؟ وهل يتضمن الدستور المعطل فى أى من مواده شيئا عن الإطاحة بالرئيس؟
ثم نأتى إلى الحجة الأقذر التى يرددونها بوقاحة لا يحسدون عليها، وهى أنهم ضد تدخل الجيش فى السياسة من الأساس، وهى الحجة الجديدة جدا، والتى يتخيلون أننا قد أتينا من المريخ لنصدقها، ناسين أن الجيش هو الذى أطاح بمبارك، وأنه حكمنا لمدة عام ونصف، وأنه لولا الجيش لكنا إلى الآن تحت حكم مرسى وجماعته التى كانت ستشبع فينا تقتيلا وتعذيبا وسجنا، ولا أدرى كيف يقولون هذا وقد رأوا بأعينهم ردود أفعال جماعة مرسى فى يوم 30 يونيو، وشاهدوا القتل عمدا فى المنصورة والمقطم وأسيوط وبنى سويف، فهل من المطلوب أن يرى الجيش جماعة إرهابية تتحالف مع الغرب تقتل شعبنا ويصمت؟ أم المطلوب أن يتولى الجيش هذه المهمة عن مرسى فيقتلنا فى الشوارع حفاظا على الشرعية الاستبدادية التى حكم بها مرسى؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
abeer
عاطفى اه مغفلا لا
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
عاشت مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل عبدالله
الثوره
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد نزار
رائع يا أستاذ وائل
عدد الردود 0
بواسطة:
صاحب رأى
بل لولا الجيش لكنا لانزال تحت حكم مبارك!
عدد الردود 0
بواسطة:
yaser zaki
وقوف الجيش بجانب الشعب فى 25 يناير و30 يونية هو سبب نجاح الاثنين
عدد الردود 0
بواسطة:
ام لاامى
تسلم جيش بلادى