إن الذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل قادرون على إقناعك بارتكاب الفظائع، وإن الذين يطيقون القوانين الظالمة، ويسمحون لأناس يسومون الوطن الذى ولدوا فيه سوء العذاب، فهؤلاء تجردوا من وطنيتهم وغلبوا مصالحهم على مصلحة أوطانهم، والدكتور علاء صادق الناقد الرياضى السابق ومطبلاتى الإخوان ورئيسهم المعزول الحالى، واحد من هؤلاء.
الرجل الذى بدأ حياته حكما بدورى الدرجة الثانية لكرة القدم، عاشق لممارسة لعبة السقوط المدوى فى كل تجاربه، فقد تفرد بأنه أول حكم مصرى يتم ضربه فى أرض الملعب فى فضيحة تحكيمية، اعتزل على أثرها التحكيم مجبرا، ثم قرر أن ينهض من جديد طارقا أبواب الشهرة والنجومية عن طريق النادى الأشهر فى الوطن العربى وإفريقيا، وهو الأهلى، حيث كتب مقالا فى مجلته، وهاجم خصمه اللدود نادى الزمالك، هكذا علاء صادق يهوى ممارسة العشق الممنوع، ويعيش فى كنف المتضادات.
علاء صادق حالة فريدة من الحالات التى تغير قناعاتها وتعديلها حسب مقتضيات المصلحة، فلا عجب أن ينتقل من ملعب نظام مبارك الذى كان يقول فيه شعرا - وهو مسجل صوتا وصورة - حيث وصف الرئيس الأسبق بالأب الحنون لكل المصريين وذلك أثناء تكريم مبارك للاعبى المنتخب وجهازه الفنى بعد حصوله على بطولة إفريقيا 2010، وعقب ثورة 25 يناير ورحيل مبارك انقلب الناقد الرياضى صاحب الوجوه المتعددة، على نظام مبارك وهاجمه بضراوة، وألصق به كل قضايا الفساد.
لم يضيع علاء صادق الوقت وبحث فى خريطة الشخصيات البارزة من رجال مرحلة ثورة يناير فلم يجد سوى الدكتور محمد البرادعى، وقال فيه شعرا، وسطر عنه كلمات واصفة إيه بمفجر الثورة وغاندى مصر، واستمر التعاطى مع البرادعى بالصورة الوردية حتى تكشفت له بوصلة الاتجاهات نحو السلطة من البرلمان لقصر الاتحادية، فلم يكذب الرجل خبرا وسارع بإلقاء شباكه فى بحيرة الإخوان لعلها تصطاد «قراميط».
التحول المحورى لعلاء صادق، بدأ بشكل لافت منذ فوز الرئيس المعزول بمقعد الرئاسة، وسخر الرجل قلمه على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر» كخنجر مسموم يرشقه فى ظهر وصدر معارضى مرسى، وأولهم الدكتور محمد البرادعى الذى كان بالأمس القريب ينظم فيه أبياتا من شعر الغزل العفيف والصريح، ونسى معاركه فى ملاعب كرة القدم مع الكابتن حسن شحاتة والتوأم حسام وإبراهيم حسن، وجميع حكام مصر على سبيل المثال لا الحصر، وانتقل بمعاركه بشكل رسمى إلى الملعب السياسى، وأصبح نجم المطبلاتية الأول لمرسى وإخوانه.
وبعد ثورة الشعب 30 يونيو والتى أزاحت نظام مرسى بأكمله، أصيب الرجل بحالة عدم اتزان، ولم يصدق أنه سيفقد الملعب السياسى أيضا بعدما فقد ملاعب كرة القدم، حيث الشهرة وسحر الساحرة المستديرة كرة القدم، فبدأ فى شن هجوم طاغ فى كل اتجاه وكال الشتائم على الإعلام ووصم صحفيين ومذيعين بالحمير، بل قال فى تغريدة له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى «تويتر» نصا: «الألوف من الحشرات العالقة بطين البيادة تزن لسيسى يكمل جميله ويصبح رئيسا ليستبدل المبيدات الحشرية بالسرطانية ليحمى الحشرات ويقضى على الشعب».
الرجل فقد عقله بعد شعوره بالخسائر الفادحة، وحساباته الخاطئة، واكتشاف أمره ووأد شعبيته بيده لا بيد عمرو، فبدأ يعلن حربه الأخيرة متصورا إنه وبما يقوله سيجد صدى ويعود مرسى للحكم، ومن ثم يعود لجلسات قصور السلطة من جديد بديلا عن جلسات مدرجات ملاعب الكرة.