كمال حبيب

الإسلاميون والدولة المصرية

الإثنين، 05 أغسطس 2013 02:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل قدر على الإسلاميين المصريين المعاصرين أن يقفوا دائما خارج دولتهم أو فى مواجهتها، أتاحت ثورة 25 يناير الفرصة التاريخية للإسلاميين ليكونوا جزءاً مما أطلق عليه «الإسلام المشارك». أى أن ثورة 25 يناير أسقطت الحظر الذى كان مفروضا على الإسلاميين منذ أواخر العصر الملكى، رفض الإخوان المسلمون الوصول إلى توافق مع جمال عبدالناصر عام 1954، وهو ما قاد إلى التأسيس لما نطلق عليه «الإسلام المواجه»، كانت هناك محنة واجهتها الحركة الإسلامية فى ذلك الوقت ممثلة فى الإخوان المسلمون وتعرض للإعدام منها شخصيات مهمة مثل القاضى عبدالقادر عودة. ثم تكاملت تلك المحنة عام 1965 ومع تصاعد الصدام بين الدولة الناصرية وبين جماعة الإخوان المسلمين كان إعدام سيد قطب صاحب الظلال عام 1966، وظهور فتنة التكفير داخل السجون بسبب التعذيب والقمع وهو ما جعل أسئلة جديدة تطرح على العقل الإخوانى حول الدولة وطبيعتها والتكفير والعزلة الشعورية والجاهلية والحاكمية، وصارت أفكار سيد قطب مصدرا لجيل جديد من الإسلاميين، كما ظهر كتاب «دعاة لا قضاة» للمرشد الثانى للإخوان لمواجهة الأفكار الجديدة التى مثلت تحدياً جديداً لأفكار البنا مؤسس الجماعة. فتحت السجون والمعتقلات من جانب الدولة، ومارس أبناء الحركة الإسلامية دور الضحايا الممتحنين، وصمدوا فى السجون، لكنهم بدأوا يدركون أهمية التواجد من خلال الدولة المصرية فظهر جيل جديد خاض الانتخابات فى النقابات لأول مرة فى مطلع الثمانينيات، كما تحالف الإخوان مع حزب الوفد عام 1984، ثم مع التحالف الإسلامى عام 1987، وصارت الجماعة جزءاً من المشهد السياسى مركزة دائما على نهجها السلمى ورفضها لنهج الجماعات الجهادية المتشددة فى ذلك الوقت.

على صعيد التيار الجهادى فقد دخل فى مواجهة قاسية مع الدولة المصرية منذ أواخر الثمانينيات وحمل السلاح وبدأ صراع مفتوح بين الطرفين انتهى بمراجعات فكرية من جانب هذا التيار خاصة من الجماعة الإسلامية. وأسست الجماعة الإسلامية بعد الثورة حزباً سياسياً لها، وقدمت خطاباً منفتحاً وعاقلاً، وبدت أكثر وطنية وجدية فى كثير من المواقف التى كان يتهافت فيها الناس على المناصب والمحاصصات، وأتيح لها أن تكون جزءا من الإسلام المشارك فصار لها ممثلوها فى المؤسسات التشريعية وغيرها. وأسس السلفيون حزب النور ثم أسس السلفيون فى القاهرة حزب الأصالة الذى يدعمه الشيخ محمد عبدالمقصود، وأسس آخرون من التيار حزب الوطن، كما أسس مناصرو حازم أبوإسماعيل حزب الراية.

خرج الإسلاميون من أسر استبعاد الدولة لهم وصاروا جزءا من هذه الدولة ومن النخبة ومن الإعلام وأصبحوا ملء العين والبصر، بيد إنهم لم يحسنوا استغلال الفرصة والمنحة التى منحها الله لهم، فخصم أداؤهم السياسى من رصيدهم وثقة الناس بهم. ثم كان ترشح أكثر من مرشح منهم للرئاسة، وفاز أحد مرشحيهم من جماعة الإخوان بالرئاسة مرة واحدة، أى صاروا فى قلب قلعة الدولة المصرية العميقة، واستمر مرشحهم عاما، ثم تم عزل رئيسهم من الرئاسة، وكان طبيعياً خروج مناصريه من جماعة الإخوان بالآلاف للميادين للمطالبة بعودته، وها نحن منذ شهر تقريبا وتبدو الفرصة التى منحتها ثورة 25 يناير للإسلاميين لكى يكونوا جزءا من الدولة المصرية ويؤسسوا فى مصر للإسلام المشارك – معرضة للضياع بسبب أوهام تراود الإخوان الجماعة الكبيرة والمتحالفين معها من الإسلاميين حول تقديرهم المبالغ فيهم لقوتهم، والاستهتار بقوى الآخرين بما فى ذلك الدولة والعالم كله. على الإسلاميين أن يعيدوا تقدير مواقفهم السياسية وأن لا يحولوها لمواقف عقدية، ولا يضيعوا فرصة التأسيس لخبرة الإسلام المشارك فى مصر، تركيا نموذج لخبرة الحفاظ على الإسلام المشارك حتى لو قاد لضياع الحكم من يد الإسلاميين كما حدث مع أربكان، قد تخسر معركة ولكنك لم تخسر الحرب.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة