كان حديث المزرعة كله يدور حول مرض الجد العجوز فهو صاحب الفضل فى إنشاء هذه المزرعة وتربية معظم الحيوانات التى فيها، لذلك ظلت الخيول والأغنام والدواجن وحتى الأرانب تتملص فى هدوء متلمسين أخبار الجد العجوز، متمنين تحسن صحته. الوحيد الذى لم يتأثر بذلك هو الثور فقد كان يتميز بأنانية مفرطة رغم العطف والتدليل الشديد الذى خصه به العجوز قديمًا، فكان كلما سمع الحيوانات تتكلم عن صحة الجد العجوز وحاله اشاح بوجهه ومضى فى ضجر قائلا «ما شأنى بصحة هذا العجوز وماذا تفيدنى صحته وماذا يضيرنى مرضه» كان كل اهتمامه ينصب على ذاته وراحته وطعامه وليذهب الآخرون للجحيم. لم يقتنع ابدا بكلمات حيوانات المزرعة التى طالما حاولت أن تقنعه أن الشر يدور وأن مساندة الآخرين فى بلائهم قد تمنع انتشار البلاء وأن مساعدة المحتاج قد تبعد كوارث للجميع. لم يقتنع بكل ذلك وظل على غروره وهيامه بنفسه والاهتمام بشأنه حتى تدهورت صحة العجوز بشكل خطير مما استلزم نقله بسرعة إلى مستشفى بعيد واستعانت الاسرة بعربة قوية وربطت بها كل الخيول وحاولوا أن يربطوا الثور معهم لعله يساعد بضخامة جسده وقوته فى شد العربة بالمناطق الوعرة او المرتفعة، ولكنه رفض فى عنف وتملص وهاجم كل من حاول أن يربطه على عكس الخيول التى تكالبت على العربة لمساعدة الجد العجوز. وللأسف عادت العربة خاوية والخيول حزينة فقد اشتد المرض على العجوز ليستكين جسده ويموت وهو فى طريقه للمستشفى. ومرت على المزرعة أيام كئيبة ومظلمة بعد موت الرجل فقد كان ابناؤه يعملون فى مجالات اخرى ولم يستطيعوا ادارة المزرعة بنجاح فاضطروا إلى بيعها بعد فترة وبعد أن باعوها جاء الملاك الجدد وأقاموا وليمة عظيمة لأصدقائهم وأقاربهم احتفالا بشراء المزرعة. وقدموا لضيوفهم لحم الثور الضخم الذى ندم كثيرا وهم يذبحونه فهو لم يساعد الجد العجوز ولم يهتم بشأنه ولأول مرة فكر الثور كم كان غبياً وأنانيًا لأنه لو حاول أن ينقذ العجوز لأنقذ نفسه الآن… تلك القصة اتركها بينكم لتفكروا فيها كما يحلو لكم.