يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «ما كان العنف فى شىء إلا شانه»، والشين هو العمل المستبشع المكروه الذى يصبح وصمة اجتماعية وسياسية لفاعله، كلمة الشين التى استخدمها النبى صلى الله عليه وسلم كلمة تحمل دلالة ذات طابع اجتماعى ونفسى، بل تاريخى، ومن ثم فإن العنف شؤم وشين يعنى يورث فاعله إثما نفسيا واجتماعيا قد لا يمكنه التخلص منه فى المستقبل، يعبر العنف عن عدم قدرة فاعله على التكيف مع مجتمعه، وقد بحثت عن كلمة عنف من قبل فى لسان العرب فوجدتها تعبر عن عجز العنيف والعانف عن أن يتكيف مع مجتمعه، ومن ثم يخرج عليه بالسلاح يهدد أمنه واستقراره، وقد كانت بين العانف وبين مجتمعه روابط وصلات يتنكر لها ويتجه بفعله تجاه من كان يحبهم ويتعايش معهم بالأمس، والله سبحانه وتعالى يقول: «ولا تنسوا الفضل بينكم».
أى أن موجة العنف فى النفس هى تعبير عن حالة تمرد وإنكار يتجه بها العانف تجاه مجتمعه وناسه لعدم قدرته على التكيف معه قيمه وتقاليده وأوضاعه، وقد عرفت جماعة الإخوان المسلمين ممارسة العنف حين كان لديها التنظيم الخاص الذى قتل أحد شبابه النقراشى رئيس وزراء مصر، وقتل أعضاء التنظيم الخاص القاضى الخازندار، وامتد عنف التنظيم الخاص لأعضائه أنفسهم فتم قتل سيد فايز، وهو كان عضوا فى التنظيم الخاص، وظلت الجماعة تحاول التخلص من شين العنف حتى خلصت إلى السلمية ونبذت العنف وتم قبولها كجماعة ضمن الحركة الوطنية تلتزم السلمية فى حركتها، وعرفت الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد العنف، ودخلا فى مواجهة طويلة مع النظام المصرى فى التسعينيات حتى أعلن أعضاؤهما عمل مراجعات نبذوا فيها العنف وعادوا للعمل السياسى بعد الثورة.
المشكلة أن العمل العنيف الذى نراه ليس هو مجرد اللحظة التى يطلق فيها العانف قنبلته أو صاروخه أو قذيفته أو طلقته، ولكن ما نراه هو خاتمة تعبئة وحشد وثقافة وبنية ذهنية قادت صاحبها إلى ممارسة العنف، طبعا لا نقول إن الإنسان خلق عنيفا، ولكنه خلق مفطورا على المدنية أى أن يعيش بسلام مع مجتمعه ولكن فى أوقات الأزمات والتحولات والاضطرابات تنفتح أبواب العنف على النفس والعقل فإذا بنا نشهد جماعات تنتهج العنف، ومصر منذ ما بعد ثورة 25 يناير تواجه هذه المشكلة، احتمالات الانفتاح على العنف، ووجدنا صوت العنف فى سيناء، ولكننا نواجه الآن فى القاهرة، وفى قناة السويس المجرى الملاحى الأهم فى العالم، وفى أسوان ثم انتقل العنف إلى القاهرة.
أقول العنف مأزوم مهزوم، لأنه يعبر عن أزمة من يلجأ إليه، وهو مهزوم رغم إغرائه وقت فعله، ولكنه بعد فترة يصير عبئا على فاعليه، لأنه يؤدى إلى قتل وخراب لمن يقوم بفعله، وهنا تنشأ مشكلة العنف وأزمته، أنك تمارس العنف وتنجز أهدافا صغيرة لكنك لا تغير على المستوى الكلى، وهنا تنشأ أزمة العنف الفردى والجماعات والشبكات الصغيرة التى تقوم به، ولا ندرى لماذا فى الاتجاه الإسلامى فقط من يتحدث عن العنف ومن يعتبر أن العنف هو وسيلة ونموذجا للتغيير كما هو الحال فى السلفية الجهادية، نريد للحالة الإسلامية بعد ثورة 25 يناير أن تتمسك بنموذج ثورة 25 يناير الذى طرح قدرة الشعب من خلال نضاله السلمى أن يغير الأنظمة، هذه هى الطريقة الوحيدة، ودونها مغامرة غير محسوبة على فاعليها ولم تستطع أن تحقق إنجازا فى التغيير على المستوى العملى، ومن ناحية الدولة عليها ألا تذهب لإجراءات غير ديمقراطية لتواجه العنف، لأن العنف مهزوم والإجراءات العادية تستطيع هزيمته، لا نريد للعنف أن يشوش على إصرارنا للذهاب إلى التأسيس لمجتمع يقوم على التعددية والتسامح ودولة القانون بعيدا عن الحظر والطوارئ واستخدام الحلول الأمنية.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى مسلم
الله يبارك فيك ياشيخ
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى مسلم
الله يبارك فيك ياشيخ
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصري
إن الذكري تنفع المؤمنين
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن عادي
حلول الدولة