من جديد تفشل جماعة الإخوان وحلفاؤها فى الحشد لمظاهرات أمس الأول، الجمعة.. أصبح الحديث عن مليونيات تنظمها مسخرة كبيرة، فالأعداد المشاركة هى بضع مئات، ولا يتناسب ذلك بأى حال من الأحوال مع مجمل الأهداف المحددة لأى مظاهرة.
أصبح حديث الجماعة وأنصارها عن العصيان المدنى، وتعطيل المصالح الحكومية يثير الضحك، ويجلب على مردديها غضبًا شعبيًا كبيرًا، يتجلى فى أن الناس العاديين هم الذين يقفون فى وجه هذه المظاهرات.
حديث الجماعة وأنصارها عن أن ملايين المصريين يؤيدون مرسى، ويصممون على إعادته هو وهم كبير تعيش فيه الجماعة، وهو ما يفرض عليها تحديات هائلة إذا كانت بالفعل تريد العودة إلى العمل السياسى، ولابد أن يكون ذلك مرتبطًا بحقائق يجب على الجماعة أن تواجهها بكل شجاعة. ليس كافيًا أن تعترف الجماعة بخريطة الطريق، والتسليم بالحقائق الجديدة المفروضة على الأرض، المطلوب منها أن تنظر إلى ذاتها، تنظر إلى بنيانها الفكرى والتنظيمى.. أن تنظر إلى أنها حكمت عامًا وفشلت فشلاً ذريعًا.. أن تنظر إلى أنها مارست الكذب صراحة وبكل فجاجة.. أن تعترف بأنها أوهمت المصريين بأن لديها مشروعًا للنهضة، ثم تكشفت الحقائق أن هذا وهم كبير.. أن تعترف بأنها لم تصارح الشعب المصرى بالحقيقة، إنما ضحكت عليه.
عليها أن تعترف بأنها تاجرت بالدين، ففتحت الباب واسعًا لمن يكفّرون، ومن يتعاملون بأنهم وكلاء الله على الأرض.. عليها الاعتراف بأنها لم تكن الأيدى الأمينة أبدًا على ثورة 25 يناير، إنما تعاملت بنفس النهج الذى كان يتعامل به نظام مبارك، فأزاحت رجال مبارك لتأتى برجالها، وبقيت المنظومة واحدة فى السياسة والاقتصاد والعدالة الاجتماعية، لم يشعر الشعب المصرى معها بأى تحسن ولو طفيف على معيشته، انتظر العاطلون أن يعملوا فطال انتظارهم حتى تأكدوا أنه لا أمل فى غد جديد.
على الجماعة أن تعترف بأنها فتحت جبهات العداء مع كل فئات المجتمع، ليس من باب الرغبة فى التغيير الجذرى، إنما من باب العمل على تمكينها من مفاصل الدولة وقواعدها حتى تحكم 500 سنة، كانت تفعل ذلك فى الوقت الذى تفتح فيه الباب أمام عودة الإرهابيين، وها نحن نجد النتائج الكارثية على الأرض فى سيناء.
على الجماعة أن تعترف بأنها مارست الاستعلاء بكل صوره، كأنها كتبت عقدًا مع الشعب المصرى بحكمها، ومن لا يعجبه فليترك مصر، ويبحث عن وطن آخر.. لم تفهم الجماعة أن الشعب المصرى لم يعد كما كان، لم يعد بعد ثورة 25 يناير يقبل بأن يسلم مقاديره إلى حكام يضحكون عليه، ومن يغريه بالوعود ليلا ثم «يلحسها» نهارًا.
على الجماعة أن تعترف بأنها مارست تغييبًا لعقول من يناصرها، وصل إلى حد أنك تجد الآن من يتحدث وبكل فجور عن أن ما يحدث فى سيناء هو من تدبير الدولة والجيش والشرطة، ووصل الفجور إلى أنه بينما كان الغضب يؤجج مشاعر المصريين من حادثة مقتل 25 جنديًا فى سيناء على يد الإرهاب، كنت تجد من يحدثك منهم بأنها من تدبير الجيش، فأى صفاقة بعد ذلك، وأى عقول تلك التى تعطى صك البراءة للإرهابيين؟.
إن أرادت الجماعة العودة إلى ميدان السياسة فعليها أن تعترف بكل هذه الكوارث التى صنعتها، وهذا أجدى لها من مظاهراتها التى يرفضها الشعب المصرى الآن.