بر الوالدين أهم من أبوك وأمك

حكمة المساء لا تنفع فى الصباح وحكمة الصباح ينقصها خبرة المساء. فلكل وقت حكمه وأقواله، ولأننا فى «زمن الحلزونة يا أما الحلزونة» فكل الحكم تخرج من الأفواه تائهة متناقضة كالأوضاع الراهنة. وآخر حكمة سمعتها هذه الأيام تقول «بر الوالدين أهم من أبوك وأمك». فكل ما حولنا مترابط ولكنه متناقض. أمامنا أحزاب سياسية لا نعرف عنها شيئًَا ولم نسمع عنها مطلقًا ولكنها تتحاور وتتناقش كل يوم مع مستشارى الرئيس المؤقت استعدادًا للقائه. فما فائدة أن تجلس القوى السياسية مع الرئيس المؤقت وألا تجلس مع شعبها الدائم أو تتعرف عليه، خاصة وأن سيادة المستشار مجرد ضيف على كرسى الرئاسة، وستتحول كل مقابلاته مع القوى السياسية إلى ذكريات حلوة فلن تقدم أو تؤخر أو تقر أو تشرع. الغريب أن التيارات السياسية كافة فخورة بانضمام أعضاء منها للجنة الخمسين لصياغة الدستور وهى لم تفهم مشاكل الناس ولا رغباتهم إلا من الصحف والفضائيات، وليس لها أى قواعد لا فى الشوارع ولا فى العقول. فالأحزاب عندنا تعودت منذ قديم الأزل على التقرب للسلطة والتمسح فيها والتأفف من الشعب الغلبان. ثم تحلف بعد ذلك أن الشعب مصدر السلطات. رغم أنها لا تنزل لهذا الشعب إلا فى الانتخابات مثلها مثل العيل البليد الذى لا يفتح الكتاب إلا أيام الامتحانات. ولا يختلف التضاد الذى تعيشه الأحزاب السياسية عن التضاد الذى تعيشه الحكومة المصرية، فمنذ ثورة 25 يناير ونحن نصف كل حكومة تأتى بأنها حكومة الثورة ثم نكتشف أنها لا تختلف عن التلميذ البليد سابق الذكر الذى لا يعرف شيئا إلا الغش من حلول اللى جنبه. حتى لو كان اللى جنبه ساقط ومخلوع. لذلك كل الحكومات تتشابه فى أدائها الضعيف الذى لا يختلف بأى حال من الأحوال عن حكومة نظيف أو الحزب الوطنى البائد. فلا أفكار جديدة، ولا حلول مبتكرة، ولا آليات مختلفة. وللأسف أداء الأحزاب والحكومة لا يختلف عن سلوكيات الشعب، فكلنا ينضح من إناء واحد فجميعنا يعترض وينقد كل ما حوله ولا أحد فينا يفكر فى تغيير سلوكه أو نفسه. كلنا نغنى ونلحن فى حب الوطن، وننسى كل ذلك فى الشارع، فنحن نؤمن بأن «حب البلد أهم من النظام والعمل».