أغلب الذين يملأون الدنيا ضجيجاً يعرفون مالا يريدون، ولا يعرفون ما يريدون، حيارى لا يعترفون بحيرتهم، ويصرون على لعب دور الفاهم العارف، ولو راجع كل منهم مواقفه و«تويتاته وبوستاته»، سوف يكتشف تناقضاته وأنه عجز مثل غيره من الناس عن الوصول إلى رأى حاسم. وأنه قد يكون تعرض للتضليل أو أضل غيره.
ربما كان من الأجدى أن يراجع هؤلاء مواقفهم السابقة. ربما كذب أو خانه التوقع والفهم، وليس أقل من أن يعترف هؤلاء بأخطائهم مثلما يطالبون السياسيين بالاعتراف. وعلى هؤلاء الزعماء الافتراضيين أن يعترفوا أنهم ضللوا غيرهم ممن وثقوا فيهم، وفقدوا هذه الثقة، وأصبح الناس العاديون يفضلون الاختيار بأنفسهم بعيدا عمن كانوا الأكثر فهما وعمقاً.
بعض الزعماء الافتراضيين، لا يميلون للآراء الواضحة، ويفضلون الاختباء خلف التعبيرات العاطفية حمالة الأوجه، يبالغون فى استخدام كلمات وتعبيرات، تتضمن الكثير من الدم والشهداء، والكثير من الإدانة للكل بلا تفرقة. وينقسمون هنا بين زعماء أساسيين وأغلبية تابعة تنقل شفاهة وتتبنى وجهات نظر الزعماء بلا تفكير.
عرفنا دعاة مدنيين ينقلون اجتهادات وتجارب وافتراضات على أنها نتائج نهائية، ويقيسون على تجارب من دون حسابات الاختلاف، ومن دون أن يعترفوا بأنها اجتهادات، وهم هنا لا يختلفون عن بعض الدعاة الدينيين الذين يفتون بآراء شخصية يزعمون أنها قاطعة.
وخلال عامين ونصف ظهر زحام من محدثى السياسة من مثقفين وإعلاميين أعجبتهم صورهم وهم يقدمون على أنهم يفهمون «الكفت» وخبراء ثورات بكل الألوان وكان الواحد منهم ينجعص منتفشا ليشرح عن الثورات هنا وهناك ويؤكد رفضه لما يجرى وما هو قائم وما هو قادم، من دون أن يقدم بدائل، ورأينا نشطاء تحولوا لإعلاميين، وإعلاميين تحولوا إلى سياسيين، من دون تمييز بين الأدوار، والنتيجة دور مختلط ومزدوج ومتأفف بلا حل ولا نتيجة.
ومايزال الحائرون محيرون، من الصعب معرفة ما يريدون فى السياسة. ومع عودة طرح الانتخابات، يرفضون كل ما هو قائم، فهذا عسكرى وهذا قريب من العسكر، وذاك نصف فلول، أو ناشط وليس سياسياً. ولا يدركون أنهم يضاعفون الحيرة، ويدفعون نحو الأسوأ من الاختيارات، وبعضهم احترف الاختفاء فى الأوقات الصعبة حتى لا يحسب له موقف ما، ويفسر كل طرف اختفاءه بطريقته، ويخرج هو نفسه ليسرب تفسيرات حمالة أوجه. وبعضهم يقف على خط يحفظ له مكاسبه، من إرضاء المشاهدين والقراء.
لم يكن لأغلبهم موقف قبل يناير، وظهروا بعدها من دون أن يعترفوا بالصدمة، أو يقولوا شيئاً، ولم يدركوا أن الناس العاديين لم يعودوا بسذاجة طلاب فى درس.
هؤلاء الحائرون والمحتارون المحيرون يعبدون صورهم أمام الكاميرات يقفون على حياد لزج. كلما طرح عليهم اسم مرشح، «يطلعون فيه القطط الفاطسة»، يؤكدون أنه ضد الفرد وحكم الفرد، وإذا سألتهم عن مواصفات من يريدون سيقدمون مواصفات لفرد وتراهم يدعمون الفردية، أو يسفهون فى الرفض من دون تقديم بديل وهو ما جعل الناس تذهب بعيداً عنهم. لأنهم لا يعرفون ماذا يريدون، ويعرفون فقط ما لا يريدون.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
علينا ان نتعلم الدرس جيدا ونستوعبه - الباطل يعقبه باطل والتخاذل نهايته الكارثه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
انصر الشعب ظالما او مظلوما وبذلك تخرج من دائرة الحياد اللزج - الفهلوه ودتنا فى داهيه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
mazen
المشكلة ان كل الناس كده ، بما فيهم انا وانت ، وهذا هو حال من يريد كل شئ بلا ثمن
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الشارع المصرى محصلته دائما على حق وتجاهله هو الباطل بعينه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
سموم الفضائيات العميله هى اخطر اسلوب فى بلبلة الرأى العام وتفكيك الجبهه الداخليه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
اه يابلد
استاذى العزيز الشعب الاصيل بعد الصباح النادى وهل تعتقد انه فى ظل هوجة عرابى التى نعيشها
نعيشها منذ ثورة يناير انه فى مصر سياسيون؟
عدد الردود 0
بواسطة:
اه يابلد
استاذى العزيز الشعب الاصيل بعد الصباح النادى وهل تعتقد انه فى ظل هوجة عرابى التى نعيشها
نعيشها منذ ثورة يناير انه فى مصر سياسيون؟
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
صباح الخير يا اه يا بلد - طيب نستورد سياسيين من الصين او كوريا بس ميطلعوش اقارب عرابى
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ
هولاء مثل تجار التجزئه .. ومزيع برنامج ما يطلبه المستمعون -وأنت على رأسهم