يصر أبناء التيار الإسلامى على ترديد الكثير من المتناقضات عما يسمونه بـ«الحكم الإسلامى» وطرائقه وأساليبه، فى حين أنه لا يوجد شىء اسمه الحكم الإسلامى فى تاريخ الإسلام، والناظر إلى نظام الحكم فى الدولة الإسلامية يجد أن أساليب نظام الحكم وعلى الأخص طريقة اختيار «الخليفة» أو رئيس الجمهورية كانت ارتجالية وعفوية، لا تنم عن أن هناك نظاما حاكما ولا دستورا مُحَدِّدا، فقد ترك الإسلام أمر اختيار الخليفة أو «الرئيس» لما تقتضيه الظروف، وأعلا من شأن المصلحة العامة فوق كل شأن، وإذا أردنا أن نستلهم من طريقة اختيار الخلفاء الراشدين منهجا محددا فى اختيار الرؤساء والخلفاء لوقعنا فى حيرة كبيرة، فقد تم اختيار الخليفة الأول «أبوبكر الصديق» بناء على مناقشة حامية فى واقعة «السقيفة» الشهيرة، والتى تنازع فيها المهاجرون والأنصار على الحكم ثم آل الحكم للمهاجرين وعلى رأسهم الصحابى الجليل «أبوبكر الصديق»، أما تولية عمر بن الخطاب فكان بناء على اختيار «أبوبكر الصديق نفسه، الذى أوكل إليه بالخلافة من بعده، وجاء اختيار الخلفية عثمان بن عفان من بين ستة من الصحابة تناقشوا وتداولوا فيما بينهم ثم جرت المفاضلة بين الإمام على والصحابى الجليل عثمان بن عفان فرجحت كفة عثمان بعد أن ضمن أصوات أغلبية «لجنة الستة»، ثم جاءت تولية الإمام على بعد فتنة قتل عثمان بن عفان بمبايعة «سريعة» فى المسجد إنقاذا للموقف المأزوم، وهو ما ضعف من موقف الإمام على بعد ذلك، وكان سببا من أسباب الفتنة الكبرى التى غرقنا فيها منذ أكثر من 14 قرنا، وما أظن أننا خرجنا منها حتى الآن.
الخطورة فى طريقة اختيار الخلفاء الراشدين أنها أتت على أيدى أكبر الصحابة وأعظمهم قيمة وأهمية، ومن هنا تكمن «الخطورة» فإجماع الصحابة الكرام على شىء كفيل بأن يجعله قانونا ساريا ولا يستبعد فى ظل مادة مثل المادة 219 التى نصب السلفيون أنفسهم حماة لها أن تجد فى مجلس تشريعى ذى أغلبية إسلامية قانونا يجعل انتخابات الرئاسة على غرار اختيار أحد الخلفاء محرما ما دونها، إذ تنص المادة على أن مبادئ الشريعة الإسلامية التى وردت فى المادة الثانية تشمل «أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة والجماعة»، ومن الأدلة الكلية والمصادر المعتبرة عند أهل السنة والجماعة «الإجماع» الذى يحتل المرتبة الثالثة بعد القرآن والسنة، وعلى هذا فلا مانع من أن تجد السلفيين قد حددوا فى قانونهم المستقبلى مسجدا لتنطلق منه «البيعة» ليتم اختيار الرئيس كما تم اختيار على بن أبى طالب، أو تجدهم يسنون قانونا يلزم رئيس الجمهورية باختيار أحد الشخصيات لتوليتها الحكم كما حدث مع واقعة تولية أبى بكر الصديق الخلافة لعمر بن الخطاب، أو أن يحددوا ستة أو عشرة يتم الاختيار بينهم كما حدث مع اختيار عثمان بن عفان.
الأخطر من ذلك أن تجد قانونا يقر نظام الوراثة كنظام حكم إسلامى، معتمدا فى ذلك على ذات المادة وتفسيرها وتفرعاتها، فقد أصبح الحكم بعد الإمام على حكما وراثيا كامل الأوصاف، وينسب لمعاوية بن سفيان أنه قال: «أنا أول الملوك» فقد نسف معاوية نظام الشورى الإسلامى الذى كان يعد وقتها تطويرا كبيرا فى نظم الحكم، واستعان بنظام التوريث الذى كان متبعا فى الدولة البيزنطية واليونانية، وهى الدولة التى قامت على أنقاضها دولة «معاوية» فى دمشق، والأغرب من ذلك أن هذا النظام أيضا قد أجمع عليه كثير ممن بقى من الصحابة والتابعين والفقهاء، وبذلك يصبح نظام الحكم «التوريثى» محل إجماع، ما يجعله مشروعا محتملا لقانون قادم إذا ما تولى الحكم «إسلاميون» فبدلا من أن تصبح الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع تصبح الشريعة اليونانية هى المصدر الرئيسى للتشريع، ولا محل هنا للقول إن تلك الأنظمة تجاوزها الزمن ولن يعود إليها، فإن كان ذلك كذلك ما هى جدوى وجود المادة 219؟!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مسلم
أحسنت القول
عدد الردود 0
بواسطة:
الازهر
الازهر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد على
لماذا نصدع رؤوسنا بالبدو القدامى ؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
MOHAMED
إنا لله وإنا إليه راجعون .
عدد الردود 0
بواسطة:
ebrahim
هم أصلا لا يعترفون بالدساتير
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف بيومى
الى رقم 3 المدعو محمد
الى رقم 3
راجع افكارك والله يهديك
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
منتهى السذاجه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
حكموا العالم
عدد الردود 0
بواسطة:
سليم
إلى رقم 6
ولماذا لا تراجع أنت أفكارك رحمك الله؟
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود الشامى
الى الكاتب